هذه الفعلة الشنعاء فقال في مجموعة مقالاته (الوهابيون والحجاز) (1): إن الملك حسينا كان أرسل حملة على منطقة عسير بعد وفاة السيد محمد علي الإدريسي الذي كان قد تخلى عنها لسلطان نجد وفي أثر تنكيل الوهابية بحملة هنالك وقعت حادثة حجاج اليمن الذين اعتقد الوهابيون إنهم نجدة منهم فأطلقوا عليهم الرصاص وبعد أن عرف الأمر اعتذر السلطان عبد العزيز للإمام يحيى عن هذا الخطأ واتفقا على حفظ المودة بينهم بتعويض مقبول معقول (انتهى).
وهذا عذر فاسد بارد يراد به ستر فظائع الوهابيين في استحلالهم دماء المسلمين وتوجيه بأسهم وسطوتهم وأفواه بنادقهم كلها إلى قتال المسلمين خاصة وغزوهم كلما سنحت لهم فرصة وقتلهم بأنواع الغدر والبغي تارة في سورية وأخرى في الحجاز وثالثة في العراق ورابعة في اليمن وهيهات أن تستر هذه الأعذار الفاسدة فظائعهم وقد عرفها العام والخاص ولم تعد تخفى على أحد من الناس. يقول صاحب المنار إنهم اعتقدوهم نجدة وكيف ذلك وهم عزل من السلاح ولا يؤذون لهم بحمله في مملكة أجنبية ولو كانوا مسلحين ما استطاع الوهابية قتلهم ولكانوا أقصر باعا من ذلك وهل تخفى حالة الحجاج من حالة الغزاة المحاربين فكيف يمكن لعاقل أن يعتقد أو يظن أو يحتمل إنهم نجدة. وهل اعتقد الوهابيون في أعراب شرق الأردن أنهم نجدة حينما غزوهم في عقر دارهم واعملوا فيهم رصاص البنادق وحد السيوف وهل اعتقدوا في أهل العراق أنهم نجدة فتابعوا عليهم الغزو والقتل والنهب. وكيف ساغ للوهابيون وهم وحدهم المسلمون الموحدون الأبرار الأتقياء الورعون الذين تورعوا عن الفتيا في التلغراف لعدم النص فيه أن يقتلوهم قبل سؤالهم وتعرف حالهم ولكن حالهم كما قال الحسن البصري في أهل العراق: يسألون عن دم البقة ويستحلون دم الحسين.
وكما اقتضت المصلحة الانكليزية والدهاء البريطاني أن يكون الشريف حسين ملك الحجاز والأمير ابن سعود سلطان نجد اقتضت ثانيا أن يكون السلطان ابن سعود أيضا ملكا على الحجاز مكان الملك حسين وأولاده عقيب امتناعه عن إمضاء المعاهدة البريطانية الحجازية.