إن شاء الله تعالى وأما تمعكي في اللحد فأردت أن يوسع الله عليها في قبرها (قال) وروى ابن عبد البر عن ابن عباس أنها لما ماتت ألبسها رسول الله " ص " قميصه واضطجع معها في قبرها فقالوا ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه فقال إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر لي منها إنما لبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة واضطجعت معها ليهون عليها (انتهى) فهذا صريح في حصول البركة لقبرها رضوان الله عليها باضطجاعه (ص) وتمعكه فيه بحيث صار ذلك موجبا لرفع ضغطة القبر عنها التي لم يسلم منها ولد رسول الله (ص) الرضيع وفي حصول البركة للقميص بمماسة جسد رسول الله " ص " بحيث تفيد مماسته لبدنها نجاتها من النار واللبس من حلل الجنة فكيف ينكر بعد هذا إن لمس قبره الذي تبرك وتشرف بملامسة جسده المبارك الشريف ومجاورته موجب للبركة ونيل خير الدنيا والآخرة ويجعل كفرا وشركا لولا الخذلان والحرمان. وفي وفاء الوفا (1) عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أوصي أن يدفن عند عثمان بن مظعون فدفن هناك (وفيه) أنه روى ابن سعد في طبقاته عن أبي عبيدة بن عبد الله أن ابن مسعود قال ادفنوني عند قبر عثمان ابن مظعون (انتهى) وذلك قصدا إلى التبرك بجواره ولأن النبي أمر بدفن ابنه إبراهيم عنده كما في وفاء الوفا.
قال السمهودي في وفاء الوفا (2) انعقد الاجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة حتى على الكعبة وأجمعوا على تفضيل مكة والمدينة على سائر البلاد واختلفوا أيهما أفضل فذهب عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ومالك بن أنس وأكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة وأحسن بعضهم فقال الخلاف في غير الكعبة فهي أفضل من المدينة ما عدى ما ضم الأعضاء الشريفة إجماعا قال وحكاية الاجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة نقله القاضي عياض والقاضي أبو الوليد الباجي قبله كما قال الخطيب بن جملة ونقله أبو اليمن بن عساكر وغيرهم مع التصريح بالتفضيل على الكعبة ونقل التاج الفاكهي نفي الخلاف عن ذلك (انتهى) وهل نالت المدينة المنورة هذا الفضل العظيم حتى صارت أفضل من مكة أو ما عدى الكعبة إلا بوجود النبي (ص) فيها حيا وميتا وإذا كان محل القبر الشريف