ويصنع من ذلك ما انتهزه عليه علي بن الحسين بن علي عليهم السلام فقال ما يحملك على هذا قال أحب التسليم على النبي (ص) فقال أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله (ص) قال لا تجعلوا قبري عيدا " الحديث " (قال) فهذا يبين أن ذلك الرجل زاد في الحد فيكون علي بن الحسين موافقا لمالك في كراهة الاكثار من الوقوف بالقبر وليس إنكارا لأصل الزيارة أو أنه أراد تعليمه أن السلام يبلغه مع الغيبة لما رآه يتكلف الاكثار من الحضور (انتهى) وأما جعل التذكار لمواليد الأنبياء والأولياء الذي يسميه الوهابية بالأعياد والمواسم بإظهار الفرح والزينة في مثل يوم ولادتهم التي كانت نعمة من الله على خلقه وقراءة حديث ولادتهم كما يتعارف قراءة حديث مولد النبي " ص " وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم وتكرار الصلوات والتسليم على الأنبياء والترحم على الصلحاء فليس فيه مانع عقلي ولا شرعي إذا لم يشتمل على محرم خارجي كغناء أو فساد أو استعمال آلات اللهو أو غير ذلك كما يفعل جميع العقلاء وأهل الملل في مثل أيام ولادة عظمائهم وأنبيائهم وكل ذلك نوع من التعظيم الذي إن كان صاحبه أهلا للتعظيم كان طاعة وعبادة لله تعالى وليس كل تعظيم عبادة للمعظم كما بيناه مرارا فقياس ذلك بفعل المشركين مع أصنامهم قياس فاسد.
* الفصل السادس عشر * * في تزيين المشاهد بالذهب والفضة والمعلقات والحلي والكسوة ونحو ذلك * وهذا أيضا مما منعه الوهابية ولذلك نهبوا جميع ذخائر الحجرة الشريفة النبوية وجواهرها عند استيلائهم على المدينة المنورة سنة 1221 كما مر في الفصل الثاني من المقدمة الأولى ونقلنا هناك عن تاريخ الجبرتي بيان أنواع الجواهر التي نهبوها من الحجرة الشريفة وقدرها. وقد صوب الجبرتي في تاريخه نهبهم لها وقال إنما وضعها ضعفاء العقول من الأغنياء والملوك الأعاجم وغيرهم ثم بين أنها لا ينبغي أن تكون للنبي (ص) لزهده في الدنيا وأنه بعث ليكون نبيا لا ملكا وذكر أحاديث واردة في عرض الدنيا عليه وإبائه " ص " وفي زهده وأنها إن كانت صدقة فهي محرمة عليه وعلى آله وأنه لا نفع فيها مع بقائها على حالها فالأرجح صرفها على المحاويج إلى غير ذلك من التلفيقات. ومثله ما يحكى