صار يفضل على الكعبة المعظمة ويدعى على ذلك الاجماع أفلا يستحق أن يعظم ويتبرك به؟ ويكون تعظيمه والتبرك به شركا وكفرا كعبادة الأصنام! (وعقد السمهودي) عدة فصول أورد فيها ما روي في الحث على حفظ أهلها وإكرامهم وأنهم جيرانه (ص) والتحريض على الموت بها والدعاء بذلك وعلى المجاورة بها والدعاء لها ولأهلها وعصمتها من الدجال والطاعون والأحاديث الواردة في تحريمها وغير ذلك وغير خفي أنها إنما حازت كل هذه الفضائل بتشرفها بهجرته " ص " إليها وسكناه بها حيا وميتا وإلا كانت كسائر البلاد فإذا كانت إنما حازت هذا الشرف به " ص " وبقبره الشريف أفلا يسوغ أن يتبرك بقبر من هذه بركته وهذه حرمته عند الله تعالى؟ ويكون التبرك به شركا وكفرا!
" وعن " الصديق حسن الحنبلي عن الإمام مالك أنه مع ضعفه وكبر سنه لم يركب قط في أرض المدينة وكان يقول لا أركب في مدينة فيها جثة رسول الله " ص " مدفونة " انتهى " ومع كل هذا يجعل الوهابيون التبرك بقبر رسول الله (ص) شركا وكفرا.
ومن ذلك يظهر أن قول بعض الوهابيين في الرسالة الثالثة من رسائل الهدية السنية خطابا لأهل مكة: من جمع بين سنة رسول الله (ص) في القبور وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه وبين ما أنتم عليه اليوم من فعلكم مع قبر أبي طالب والمحجوب وغيرهما وجد أحدهما مضادا للآخر مناقضا له إلى آخر ما قال - أحق بأن يقلب عليه فيقال: من جمع بين منعكم من تعظيم قبر النبي (ص) والتبرك والتمسح به وبين ما قدمناه مما أثر عن النبي (ص) وأصحابه وجد أحدهما مضادا للآخر مناقضا له (وأما) استشهاد الوهابيين بخبر يغوث ويعوق ونسر التي هي أسماء قوم صالحين فلا شاهد فيه لأن الذم ليس على التبرك بهؤلاء الصالحين وبقبورهم بل على عبادة صورهم فقد ذكر المفسرون أن الآباء تبركت بهم والأبناء عبدت صورهم فالذم للأبناء على العبادة لا للآباء على التبرك.
* الفصل الخامس عشر * * في اتخاذ الخدمة والسدنة لقبور الأنبياء والأولياء والصلحاء واتخاذها أعيادا * وهذا مما منعه الوهابية وصرحوا في كتابهم لشيخ الركب المغربي المتقدم في الباب الثاني بأن اتخاذها أعيادا وجعل السدنة لها شرك وكفر وعبادة للقبور لزعمهم أن كل