ممكن لا يعارضه شئ وحينئذ فيكون هدمها ظلما محرما وتصرفا في مال الغير بغير رضاه وقد وقفها البانون وجعلوها مسبلة لانتفاع المسلمين الزائرين واستظلالهم بها وعمل البر فيها من الدعاء والصلاة وغيرها فهدمها ظلم للبانين والمسلمين ومنع لهم عن حقهم فما أوردوه دليل لهم هو دليل عليهم على أن كتب التواريخ والآثار دالة على أن أرض البقيع كانت مباحة أو مملوكة لا مسبلة. ففي وفاء الوفا للسمهودي (1) روى ابن زبالة عن قدامة ابن موسى أن أول من دفن رسول " ص " بالبقيع عثمان بن مظعون. قال: وروى أبو غسان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه لما توفي إبراهيم ابن رسول الله " ص " أمر أن يدفن عند عثمان بن مظعون فرغب الناس في البقيع وقطعوا الشجر فاختارت كل قبيلة ناحية فمن هنالك عرفت كل قبيلة مقابرها. قال: وروى ابن أبي شبة عن قدامة بن موسى كان البقيع غرقدا (2) فلما هلك عثمان بن مظعون دفن بالبقيع وقطع الغرقد عنه " انتهى " فهذا نص على أن البقيع كان مواتا مملوءا بشجر الغرقد فاتخذه المسلمون مدافن لموتاهم ورغبوا فيه حين دفن النبي " ص " ولده إبراهيم فيه فأما أن تكون كل قبيلة ملكت قسما منه بالحيازة أو بقي على أصل الإباحة فأين التسبيل والوقف فيه أيضا (3) قال ابن شبة فيما نقله عن أبي غسان قال عبد العزيز دفن العباس بن عبد المطلب عند قبر فاطمة بنت أسد ابن هاشم في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل " انتهى " فدل على أن قبر العباس وقبور أئمة أهل البيت كانت في دار عقيل فأين التسبيل والوقف وأي شئ سوغ التخريب والهدم وما قيمة هذه الفتوى المزيفة المبنية على هذا السؤال. وفيه أيضا (4) روى ابن زبالة عن سعيد بن محمد بن جبير أنه رأى قبر إبراهيم عند الزوراء قال عبد العزيز بن محمد وهي الدار التي صارت لمحمد بن زيد بن علي " انتهى " وذلك يدل على أن هذه الدار كانت مملوكة. وفيه أيضا (5) عن ابن شبة عن عبد العزيز أن سعد بن معاذ دفنه رسول الله " ص " في طرف الزقاق الذي بلزق دار المقداد بن الأسود وهو المقداد بن عمرو وإنما تبناه الأسود ابن عبد يغوث الزهري وهي الدار التي يقال لها دار ابن أفلح في أقصى البقيع عليها جنبذة " انتهى ". وفي القاموس: الجنبذة وقد تفتح الباء أو هو لحن كالقبة " انتهى " وهذا
(٢٩٧)