" ص " وإن كان جعل أربعة مقامات لأهل المذاهب كل إمام منهم يصلي في واحد منها بدعة فما رسمه الوهابية بعد استيلائهم على الحجاز في المرة الأولى وهذه المرة بأن يصلي الصبح الشافعي والظهر المالكي والعصر الحنبلي والمغرب الحنفي والعشاء من شاء - بدعة لأن ذلك لم يكن على عهد رسول الله " ص " وإن كان المانع منه تكرار صلاة الجماعة في المسجد فأي مانع من تكرارها ولم ترد فيه آية ولا رواية مع أن تكرار الخير خير وإن كانت حجتهم في منع التكرار أنه لم يكن على عهد النبي " ص " والخلفاء فمع وجوده " ص " من الذي يأتم بغيره ومع وجود خليفة المسلمين لا ينبغي الائتمام بغيره فلا يقاس بذلك هذا الزمان. فظهر بطلان قوله أن الداخلين إلى الحرم كالمارين على المكاسين والقبوريين لوضوح الفرق بين المكس وغيره كما ذكرناه مع أن قياسه البناء على القبور بالمقامات الأربعة أيضا باطل لأن البناء على القبور اتفق على فعله قبل الوهابية جميع طوائف المسلمين بدون استثناء وأما المقامات الأربعة فاختص بفعلها جل طوائف المسلمين لا كلها. قوله: فإن حسن الظن بالمسلمين أهل الدين والتأويل لهم ما أمكن واجب. إذا كان يعترف بوجوب حسن الظن بالمسلمين والتأويل لهم مهما أمكن فما باله يسئ الظن بهم في استشفاعهم أو استغاثتهم بالأنبياء والصالحين وغيرها ويكفرهم ويشركهم بذلك ويجعل شركهم شركا أصليا ويستحل بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم مع أن التأويل لهم ممكن هين واضح حتى في مثل ارزقني وعاف مريضي بإرادة طلب الشفاعة وسؤال الدعاء كما فصلناه فيما مضى. (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
ثم إنهم في هذه الفتوى المنسوبة لعلماء المدينة عللوا الاجماع بصحة الأحاديث وهو تعليل عليل لأن صحة الحديث في نظرهم ودلالته عندهم وخلوه من المعارض لا توجب ذلك في نظر غيرهم فكيف يدعي الاجماع لدعوى صحة الحديث مع أنك ستعرف عدم صحته وعدم دلالته فإن أرادوا أن الاجماع واقع وعلة وقوعه صحة الأحاديث فالعلماء أجمعوا لما رأوا صحة الأحاديث فهو تخرص وتهجم على الغيب بغير دليل وكيف يدعي إجماع العلماء وقد توالت الأحقاب والأجيال على بناء القبور من جميع المسلمين على تفاوت طبقاتهم ونحلهم ومذاهبهم بدون منكر ومعارض إلا من شذ ممن سبقته السيرة ولحقته كما عرفت آنفا فلو كان ذلك مجمعا عليه لما وقعت السيرة التي هي أقوى من الاجماع