كثير من العلماء بوجوب هدمه مستندين على ذلك بحديث علي أنه قال لأبي الهياج ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله " ص " أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته رواه مسلم وأما اتخاذ القبور مساجد والصلاة فيها وإيقاد السرج عليها فممنوع لحديث ابن عباس لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه أهل السنن (1) وأما ما يفعله الجهال عند الضرائح من التمسح بها والتقرب إليها بالذبائح والنذور ودعاء أهلها مع الله فهو حرام ممنوع شرعا لا يجوز فعله أصلا وأما التوجه إلى حجرة النبي " ص " عند الدعاء فالأولى منعه كما هو معروف من معتبرات كتب المذهب ولأن أفضل الجهات جهة القبلة وأما الطواف والتمسح بها وتقبيلها فهو ممنوع مطلقا وأما ما يفعل من التذكير والترحيم والتسليم في الأوقات المذكورة فهو محدث هذا ما وصل إليه علمنا " انتهى ".
ولسنا نعتقد ولا نظن أن جميع علماء المدينة المنورة موافقون على هذا الجواب وما فيه من الحجج الواهية كما ستعرف وإنما هو من الوهابية وإليهم وألفاظه ألفاظهم متوافقة مع عبارات رسائلهم التي نقلنا جملة منها وجل علماء المدينة ساكتون خائفون من نسبة الاشراك إليهم الذي به تستحل دماؤهم وأموالهم وأعراضهم فإن وافق موافق منهم فخوفا من السوط والبندق.
ونحن نتكلم على بطلان هذه الفتوى ودليلها. فنقول: يرجع استدلالهم على ذلك إلى أمور " الأول " الاجماع المشار إليه بقولهم: البناء على القبور ممنوع إجماعا " والجواب " بطلان دعوى الاجماع بل هو جائز إجماعا لاستمرار عمل المسلمين عليه من جميع المذاهب في كل عصر وزمان عالمهم وجاهلهم مفضولهم وفاضلهم أميرهم ومأمورهم رجالهم ونسائهم سنيهم وشيعيهم قبل ظهور الوهابية توافقوا عليه في جميع الأجيال والأعصار والأمصار والنواحي والأقطار بدون منع ولا إنكار والسيرة إجماع عملي يشملها ما دل على حجية الاجماع لكشفها كشفا قطعيا لا يعتريه شك عن أن ذلك مأخوذ من صاحب الشرع ومتبوع المسلمين كما مر في المقدمات فلا يتطرق إليها بعض الشبهات الموردة على الاجماع وليس في الإسلام أمر حصلت فيه السيرة حصولها في هذا الأمر واتفق عليه جميع المسلمين