للقبر ولا للمجاورين وعده نذر معصية حتى فرط بعضهم فيما نقله عنه فأوجب على الناذر كفارة يمين. أما النذر للقبر فلا يفعله أحد بل ولا لصاحب القبر وإنما النذر لله والصدقة به عن صاحب القبر بمعنى إهداء ثوابه إليه ولو فرض صدور ما يوهم خلاف ذلك فهو محمول عليه حملا لفعل المسلم على الصحة كما مر وأما النذر للمجاورين فإن المجاورة عند القبر لا مانع منها شرعا لو لم تكن راجحة طلبا لشرف البقعة التي تشرفت بصاحب القبر وإنكار شرف القبر مصادمة للضرورة ويكفي في رده دفن الصاحبين عند النبي " ص " حتى عد ذلك منقبة عظيمة لهما ومنع بني أمية وبعض أمهات المؤمنين من دفن الحسن عند جده قائلين أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن عند جده وإصرار بني هاشم على ذلك حتى كاد يؤدي إلى إراقة الدماء كما سنبينه في غير هذا الموضع. والمجاورون عند القبر عباد الله يجوز التصدق عليهم كالتصدق على غيرهم إن لم يكن أولى ولم يخرجوا بمجاورتهم عن استحقاق الصدقة وليست المجاورة عند القبر عبادة له حتى تكون محرمة لما بيناه مرارا من أنه ليس كل تعظيم واحترام عبادة وقياس ابن تيمية ذلك فيما مر من كلامه في الفصل الثاني على ما ذكروه من أن ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا أسماء قوم صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم طال عليهم الأمد فاتخذوا تماثيلهم أصناما قياس فاسد فإن أولئك صوروا صورهم في المساجد وكانوا يصلون إليها ثم اتخذوها أوثانا وعبدوها فسبب عبادتهم لها تصويرهم تلك الصور وصلاتهم إليها لا احترام قبورهم وليس في المسلمين من يفعل مثل فعلهم ومجرد احتمال أن يؤدي الشئ إلى محرم لا يوجب تحريمه وإلا لم يبق في الدنيا حلال.
كما ظهر بذلك بطلان ما هول به اليماني في أمر النذر فجعل أخذه حراما وتقريرا للمشرك على شركه وقد عرفت بما ذكرنا صحة النذر وأنه لا يزيد عن نذر الصدقة عن الميت الثابت جوازه ورجحانه وأنه لا يحرم أخذه وأنه ليس فيه شئ من الشرك حتى يكون أخذه تقريرا للشرك وأن النفع حاصل به وهو الثواب منه تعالى والضرر يندفع به كما يندفع بالصدقة إذ هو لا يخرج عنها. أما الحديث الذي استشهد به فمع فرض سلامة سنده وإن قال صاحب المنار في الحاشية أنه متفق عليه من حديث ابن عمر يجب طرحه لمخالفته العقل والنقل فمن نذر أن يتصدق بمال أو ينفقه في سبيل الله أو نحو ذلك فقد أتى