أيضا فساد قوله إن أردت بذلك تعظيمه فهذا النحر لغير الله بل أشركت مع الله تعالى غيره وإن لم ترد فهل أردت توسيخ باب المشهد الخ فإن مراده لا يخرج عن الوجوه الثلاثة المذكورة مع أنه لو أراد بذلك إظهار تعظيمه بإهداء الثواب إليه وأنه أهل لذلك الذي لا يظهر إلا بالذبح عند مشهده لم يكن فيه محذور ولا منه مانع أليس هو أهلا للتعظيم ومحلا لإهداء الثواب إلا أن يكون كل تعظيم لمخلوق شركا وكفرا كما تقتضيه حجج الوهابية فيعمهم الشرك أترى لو أن السلطان ابن سعود أو أحد عظماء أعراب نجد زاره أمير من الأمراء فأتى بالإبل والغنم ونحر وذبح لضيافة زائره وإكرامه وإظهار تعظيمه وذكر اسم الله على الذبيحة يكون كافرا ومشركا لأنه ذبح لغير الله وقصد بالذبح تعظيم المذبوح له؟! كلا حتى لو كان هذا الأمير الزائر ظالما لم يكن في الذبح له قصدا لتعظيمه كفر ولا شرك مع أنه ليس أهلا للتعظيم فكيف بمن هو أهل لكل تعظيم حيا وميتا كالأنبياء والمرسلين والأولياء الصالحين. فقوله هذا شرك بلا ريب إفك وافتراء بلا ريب. وظهر أيضا فساده ما موه به ابن عبد الوهاب من قوله هل الصلاة والنحر لله عبادة إذ يقول فصل لربك وانحر الخ الذي حاصله إن النحر لله عبادة لله فالنحر للمخلوق عبادة للمخلوق فإذا نحرت لمخلوق فقد أشركت في هذه العبادة غير الله كما أشرك الذين كانوا يذبحون للأوثان فإن النحر والذبح الذي يفعله المسلمون نحر وذبح لله بالوجه الذي بيناه وتوهم أنه مثل نحر عبدة الأصنام فاسد كما عرفته بما لا مزيد عليه والنحر لله معناه كونه لوجه الله وامتثالا لأمره فيما يكون مأمورا به وباسمه في مطلق النحر. قال في الكشاف: وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرت مخالفا لهم في النحر للأوثان " انتهى " وما يفعله المسلمون جامع للأمرين فيذكر عليه اسم الله وينحر للصدقة وإهداء الثواب بخلاف ما ينحر للأوثان الذي يذكر اسمها عليه ويقصد به التقرب إليها لا إلى الله. مع أن النحر في الآية ليس متعينا لإرادة نحر الأنعام (ففي الكشاف) أنه نحر البدن وقيل هي صلاة الفجر بجمع والنحر بمنى وقيل صلاة العيد والتضحية وقيل جنس الصلاة، والنحر وضع اليمين على الشمال " انتهى " (وفي مجمع البيان) بعدما ذكر أنها صلاة العيد ونحر الهدي والأضحية عن عطاء وعكرمة وقتادة أو صلاة الفجر بجمع ونحر البدن بمنى عن سعيد بن جبير ومجاهد نقل عن الفراء أن معناه صل لربك الصلاة المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك، تقول العرب: منازلنا تتناحر أي هذا ينحر هذا أي يستقبله وأنشد:
(٢٨٢)