شركه إلى آخر ما ذكره من هذا القبيل. وقال في موضع آخر من تلك الرسالة (1) أنه يجب على العلماء بيان أن ذلك الاعتقاد الذي تفرعت عنه النذور والنحائر والطواف بالقبور شرك محرم وأنه عين ما كان يفعله المشركون لأصنامهم.
والجواب عن هذا كالجواب عن سابقه من النحر والذبح بأن من ينذر لنبي أو ولي أو رجل صالح دراهم أو خلافها لا يقصد إلا نذر الصدقة وإهداء ثوابها إلى النبي أو الولي أو الصالح ولا يقصد التقرب إليه بالنذر بل التقرب إلى الله تعالى وكيف يقصد التقرب إليه وهو يعلم أنه ميت لا يمكنه الانتفاع بالمنذور لا بأكله إن كان طعاما ولا بصرفه إن كان نقودا ولا بلبسه إن كان ثيابا ولا بشئ من الانتفاع مهما كان المنذور مع وجوب حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحة مهما أمكن وعدم جواز التهجم على الدماء والأموال والأعراض بمجرد الظنون والأوهام كما مر في المقدمات فلا يزيد هذا النذر على من نذر لأبيه أو أمه أو حلف أو عاهد أن يتصدق عنهما كما روي عنه (ص) أنه قال للبنت التي نذرت لأبيها عملا (ف) بنذرك فإن كان النذر للآباء والأمهات كفرا كان هذا كفرا وإلا فلا. واختبار بعض الأمكنة للنذر طلبا لشرف المكان حتى يتضاعف ثواب العبادة كما يختار بعض الأزمنة لبعض العبادات لا بأس به بل لا بأس بتخصيص بعض الأمكنة كما يستفاد مما روي عن ثابت بن الضحاك عن النبي " ص " أن رجلا سأله إنه نذر أن يذبح ببوانة فقال هل كان فيها وثن يعبد قال لا قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم فقال لا فقال ف بنذرك.
وفي القاموس بوانه كثمامة هضبة وراء ينبع. وفي النهاية الأثيرية في حديث النذر أن رجلا نذر أن ينحر إبلا ببوانة هي بضم الباء وقيل بفتحها هضبة من وراء ينبع (انتهى) وكأن سؤاله " ص " عن أنه هل كان فيها وثن يعبد أو عيد من أعياد الجاهلية خشية أن يكون النذر جاريا على عادة أهل الجاهلية لقرب العهد بهم وإن كان السائل مسلما فقد قالوا له " ص " اجعل لنا ذات أنواط وهم مسلمون وقال أصحاب موسى له حين مروا على قوم يعكفون على الأصنام اجعل لنا إلها كما لهم آلهم أو أنه إذا كان فيها وثن يعبد أو عيد من أعيادهم يكون النذر مرجوحا فلا ينعقد لأن شرطه الرجحان أو تساوي الطرفين والله أعلم. وقد ظهر بذلك بطلان ما قاله ابن تيمية ناقلا له عن علمائهم من عدم جواز النذر