يدل على أن ذلك كان يقع منهم بعد إسلامهم لقرب عهدهم بالشرك لكن ذلك لا يتأتى على رواية أحمد لأن فيها أنه كان يحلف وأبي أو على الحلف بغير الله باعتقاد مساواته لله تعالى أو على الحلف بالبراءة ونحوها كأن يقول إن فعل كذا فهو يهودي أو برئ من الإسلام أو من الله أو من رسوله فإنه إما محرم فقط أو موجب للكفر إن قصد الرضا بذلك إذا فعله ولكنه لا يتأتى على رواية أحمد كما عرفت أو على الحلف في مقام القضاء والمرافعة لإثبات حق أو نفيه الذي لا يجوز بغير الله تعالى وجعله شركا لتأكيد التحريم أو غير ذلك من المحامل فإن جواز الحلف بغير الله في غير ذلك قطعي بل من ضروريات الإسلام يعرف جوازه الخواص والعوام والنساء والصبيان ولو كان حراما لاشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار لكثرة الابتلاء به ولم يخف على الناس كلها ويظهر للوهابية وحدهم وستعرف اتفاق الأئمة الأربعة على الجواز. أما حديث النهي عن الحلف بالآباء فرواه أحمد في مسنده أيضا كما رواه الشيخان وصدره أن النبي (ص) سمع عمر وهو يقول وأبي وفي الرواية وأبي وأبي مكررا فقال إن الله ينهاكم الخ وفي رواية لمسلم الاقتصار على من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله. قال: وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم وهو كالذي سبق محمول إما على الكراهة أو على عدم الانعقاد فيكون إرشاديا كما في النهي عن بيع الغرر، أي بيع المجهول أي أنه لا يترتب عليه آثار اليمين من وجوب الوفاء ولزوم الكفارة بمخالفته وغير ذلك أو على الحلف في مقام المرافعة أو غير ذلك. قال النووي: في شرح صحيح مسلم (1) في شرح إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فيه النهي عن الحلف بغير أسمائه تعالى وصفاته وهو عند أصحابنا. يعني الشافعية مكروه وليس بحرام (انتهى). وصرح الخطيب الشربيني الشافعي في الاقناع بأن اليمين بالمخلوق مكروه ومثله عن شرح المنهاج وأفتى أحمد بن حنبل الذي ينسب الوهابية أنفسهم إليه ويقولون إنهم على مذهبه بجواز الحلف بالنبي (ص) وأنه ينعقد لأنه أحد ركني الشهادة فهذا إمامهم ومقلدهم وأحد أئمة مذاهب الإسلام الأربعة يفتي بجواز الحلف بالمخلوق وانعقاده وهم يجعلونه شركا أو شركا أصغر. قال الشعراني في ميزانه: ومن ذلك قول أحمد إنه لو حلف بالنبي (ص) انعقد يمينه فإن حلف لزمته الكفارة (انتهى) بل الأئمة الأربعة قائلون بجواز الحلف بالنبي
(٢٧٤)