نبذ ما عليه المسلمون كافة وخالف إجماعهم وطريقتهم وجهل منزلة الأنبياء والأولياء وقصر بهم عن المرتبة التي جعلها الله لهم وتمحل وعاند ومن لا تفارق همته التشبث بأذيال التقليد لشخص واحد يجوز عليه الخطأ والتعلق على ما يقوله والاتباع لشبهة سنها وضلالة ابتدعها حتى كأنها وحي منزل فذلك ميت القلب بليد الذهن فاسد الفطرة وخطابه محض عناء. أما المتصوفة: فإذا فرض نقلهم بعض المناقب المكذوبة من مشايخهم فهل يوجب ذلك بطلان مناقب الأنبياء والأولياء على العموم ومع ذلك فالظاهر أنهم لا يعتقدون في مشايخهم الاستقلال في التصرف ولا يزيدون عن اعتقادهم أنهم عباد مكرمون ومع الشك يجب حملهم على ذلك لوجوب حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحة مع الإمكان. وما نقله عن حاشية البيجوري لا يوجب اعتقاده كفرا ولا شركا لأنه ممكن فيجب قبوله إذا دل عليه النقل وهب أن ناقله كاذب فلا يكون كافرا بل عاصيا. أما إمكانه: فلتواتر النقل بأنه تعالى يستعمل الملائكة في نظام عالم التكوين بلا حاجة منه إليهم.
فلا مانع من أن يوكل الله تعالى ملكا لقضاء حوائج الخلق ولا يكون معتقده كافرا إذا كان مخطئا فضلا عن المصيب ولا ينافي ذلك الآيات التي ذكرها فمجيب الدعوة وقاضي الحاجة حقيقية هو الله تعالى كما أنه تعالى تارة قال (الله يتوفى الأنفس حين موتها. والله خلقكم ثم يتوفاكم) وتارة قال: قل يتوفاكم ملك الموت. الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. الذين تتوفاهم الملائكة طيبين. توفته رسلنا. إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة. فكيف إذا توفتهم الملائكة. حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم. فكما لا تناقض بين هذه الآيات لا تناقض بين ما ذكره بعد صحة النقل المذكور. ومنه يعلم أنه أولى بنسبة نبذ كتاب الله وراء ظهره إليه. وما ذكره الشعراني في ترجمة الحنفي لا يوجب إسقاط حرمة الأنبياء والأولياء وشفاعتهم واستغفارهم ودعائهم ووسيلتهم رأسا وإذا تجاوز الشعراني في بعض شطحه لا يتعدى ذلك إلى غيره. وإذا اعتقد بعض الناس في المشايخ والأولياء الذين بعضهم من الدجالين والمحتالين أو المجانين ما لا ينبغي اعتقاده فليس لنا أن نأخذ بذنبهم غيرهم ممن اعتقد في الأنبياء والأولياء والصلحاء