وهم لم يقروا بجميع تلك الجمل مع أنهم كانوا يعبدون صور الأنبياء والصالحين لا أنفسهم وكانوا يقولون عن الملائكة أنها بنات الله ومن عبد المسيح يعتقد فيه ما يعتقد في الله كما مر ذلك كله وإذا كانوا لا يعتقدون في الأوثان ما ورد في الآيات مما أقروا به فلا دليل على أنهم لا يعتقدون غيره من صفات الربوبية كما مر مفصلا أما ما أطال به من قوله إن مجرد الاتيان بلفظ الشهادة الخ فهو تطويل بلا طائل فلسنا نكتفي بمجرد الاتيان بلفظ الشهادة كالكرامية ولكن أين العرش حتى تنقش وكون الإيمان مجرد التصديق عند الجهمية لا يظهر لذكره فائدة غير التطويل ومثله الاستشهاد بآية المنافقين التي لا مساس لها بما نحن فيه والإطالة في تفسيرها. ومما بيناه من عدم وقوع العبادة المنهي عنها من أحد من المسلمين لنبي ولا صالح ولا قبر ولا غيره تعرف انهدام ما بناه على ذلك من قوله: من شهد أن لا إله إلا الله وعبد غيره فلا شهادة له (ثبت العرش ثم انقش) وكذا الاستشهاد بباقي الآيات.
ثم قال محمد بن عبد الوهاب في رسالة كشف الشبهات (1): إذا تحققت إن الذين قاتلهم رسول الله " ص " أصح عقولا واخف شركا من هؤلاء فاعلم أن لهؤلاء شبهة يوردونها على ما ذكرنا وهي من أعظم شبههم، ذكرها بعض أهل الأحساء في كتابه إلينا: وهي أن الذين نزل فيهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله ويكذبون الرسول وينكرون البعث ويكذبون القرآن ويجعلونه سحرا ونحن نشهد الشهادتين ونصدق القرآن ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟! (فالجواب) أنه لا خلاف بين العلماء أن من صدق رسول الله " ص " في شئ وكذبه في شئ أو آمن ببعض القرآن وجحد بعضه كافر كما قال الله تعالى: (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا)، ولما لم ينقد أناس للحج نزل فيهم: (ولله على الناس حج البيت إلى قوله ومن كفر " الآية ") فإذا كان من صدق الرسول في كل شئ وكذبه في شئ واحد كالبعث أو الصلاة أو الصيام فهو كافر حلال الدم والمال، فكيف إذا جحد التوحيد الذي هو دين الرسل كلهم لا يكفر، سبحان الله ما أعجب هذا الجهل. ثم استشهد بأن أصحاب