الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٦٧
بعد فتح الشام لكعب الأحبار يا كعب ألا تريد أن تأتي معنا إلى المدينة فتزور سيد المرسلين قال نعم يا أمير المؤمنين أنا أفعل ذلك وكذا يدل عليه مجئ بلال رضي الله عنه من الشام إلى المدينة لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام وذلك في خلافة عمر رضي الله عنه ومن القائلين بالجواز الإمام النووي والقسطلاني والإمام الغزالي فقد قال في (إحيائه) بعد أن ذكر حديث لا تشد الرحال ما ملخصه استدل به بعضهم على المنع من الرحلة لزيارة المشاهد ويتبين لي أن الأمر ليس كذلك بل الزيارة مأمور بها بخبر (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها) والحديث إنما ورد نهيا عن الشد لغير الثلاثة من المساجد لتماثلها ولا بلد إلا فيها مسجد فلا حاجة للرحلة إلى مسجد آخر وأما المشاهد فيتفاوت بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله.
وأما كون الأموات يسمعون أو لا يسمعون فنقول فيه من المعلوم أن سماع الأحياء إنما هو في الحقيقة للروح وإنما الأذن آلة له ليس إلا وحيث أن الميت لا تفنى روحه بفناء جسده فلا يبعد أن تسمع روحه لا يقال إنها لا تسمع لفقد آلة السماع منها بدثور الجسد لأنا نقول إنها قد تسمع بدون تلك الآلة كما في الرؤيا فإن الروح تكلم وتسمع في منامها كما تبصر فيه من غير وساطة آلة من حواسها فهل يستبعد العاقل بعد أن يسمع ويبصر في منامه مع علمه أن ذلك بمجرد روحه من دون أن يكون لحواسه أدنى دخل وتسبب أن الروح بعد تجردها من الجسد تكون سامعة مبصرة بدون آلة السمع والبصر على أن الوهابية لا يسعها نفي سماع الشهداء الذين ثبت كونهم أحياء لقوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»