الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٧٢
الأحياء لا إفهام الموتى والجواب أنه لو كان المقصود بتكليمه عليه الصلاة والسلام هو وعظ الأحياء لما سأله عمر رضي الله عنه كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها متعجبا من تكليمه إياهم ولا أظن أن الوهابية يدفعها السفه أن تعتقد أنها فهمت بعد ألف ونيف من السنين مراد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صاحبه عمر رضي الله عنه وأيضا ينافي كون المقصود بذلك هو الوعظ جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بقوله ما أنتم بأسمع منهم فإن جوابه هذا لا يصلح أن يكون وعظا بل هو صريح رد على استبعاد عمر وتعجبه من ذلك كما لا يخفى وأجابت الوهابية أن النبي عليه الصلاة والسلام إنما كلم الأموات اعتقادا منه أنهم يسمعون فنزلت الآيتان تصحيحا لاعتقاده والجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يعتقد مثل ذلك من تلقاء نفسه بل لا بد أن يكون بوحي وإلهام من ربه فقد قال تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) سيما وإن الأمر ليس مما يتوصل الإنسان إلى معرفته بمجرد عقله بل هو مما ينافي العقل في الظاهر فلا تمكن معرفته إلا بالنقل وذلك بطريق الوحي أو الإلهام كما أبنا ومن الأدلة على أن الله تعالى يحيي الموتى في قبورهم فيسمعون قوله تعالى حكاية على سبيل التصديق (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) فالمراد بإحدى الإماتتين الإماتة قبل مزار القبور وبالأخرى الإماتة بعد مزار القبور فإنهم لو لم يحيون في القبور ثانية ما صحت إماتتهم ثانية. وأما جواب الوهابية أن الإماتة الأولى هي حال العدم قبل الخلق والثانية الإماتة بعد الخلق فمما يضحك الصبيان لأن الإماتة لا تكون إلا بعد الحياة ولا حياة
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»