قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تزهد الدنيا وتذكر الآخرة) رواه ابن ماجة كما في المشكاة.
أما شد الرحال إلى زيارة القبور فمما اختلف فيه العلماء فحرمه بعضهم استدلالا بقوله عليه الصلاة والسلام (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى المسجد الأقصى) رواه الشيخان والترمذي واختار التحريم القاضي حسين والقاضي عياض وجوزه آخرون منهم إمام الحرمين وغيره من المشايخ واستدلوا على الجواز بقوله عليه الصلاة والسلام (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها) فقالوا قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بزيارة القبور لم يفرق بين زيارة القريب منها والبعيد الذي تشد إليه الرحال قالوا وأما حديث (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد) فإنما منع فيه شد الرحال إلى المساجد لا إلى المشاهد كما هو الصريح منه وإنما منع عن شد الرحال إلى المساجد لأنها متماثلة فلا يخلو بلد من مسجد فلا حاجة إلى الرحلة وليست كذلك المشاهد فإنها غير متساوية في البركة كما أن درجات أصحابها متفاوتة عند الله تعالى ولا شك أن الاستثناء في قوله إلا إلى ثلاثة مساجد مفرغ فيكون تقديره. إما بالجنس البعيد كأن يقال لا تشد الرحال إلى موضع إلا إلى ثلاثة مساجد وعليه فيلزم منع السفر إلى كل موضع عدا المستثنى فيحرم حينئذ شد الرحل حتى للجهاد وللتجارة وطلب الرزق واقتناء العلم وللنزهة وغير ذلك وليس الامر كذلك. وإما بالجنس القريب كأن يقال لا تشد الرحال إلى مسجد إلا إلى ثلاثة مساجد وهذا هو الصحيح وعليه فيكون الحديث خاصا بمنع شد الرحال إلى المساجد فقط ويدل على جواز شد الرحال لزيارة القبور ما قاله عمر رضي الله عنه