الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٦٣
امرأة بشهادة الله ورسوله لا ينعقد النكاح وقالت لو كان النبي يعلم نداء المستغيث به إذا ناداه من بعيد لكان علام الغيوب ولصح انعقاد النكاح الذي قال الفقهاء ببطلانه والجواب إن المسلمين كما لا يعتقدون أن النبي أو الولي المستغاث به يحضر عند ندائه كذلك لا يرون علم الغيب لأحد إلا الله تعالى وأما عدم انعقاد النكاح بشهادة الله ورسوله فلأن الشرع إنما اشترط شهادة الشهود في النكاح وأمثاله صيانة لحقوق الزوجية لما عسى أن يحدث بين الزوجين من المنازعات التي ربما آلت بهما إلى الترافع أمام الحكام وحينئذ لا يمكن لأحد الخصمين أن يثبت دعواه بشهادة الله ورسوله إذ نحن لو فرضنا أن الله تعالى عما يقول الظالمون جسم ينزل إلى السماء الدنيا كما زعمت الوهابية نقول ما جرت عادته تعالى أن ينزل إلى غرفة الحاكم فيؤدي شهادته أمامه حسما لنزاع المخاصمين قد علمت أن الوهابية كفرت من نادى غير الله تعالى كقوله يا رسول الله ونحو ذلك ونحن إذا أمعنا النظر رأينا أن كفر هذا الذي يقول يا رسول الله مثلا لا يخلو إما أن يكون لأنه يعتقد أن من ناداه يحضر بنفسه حين ندائه ويسمع نداءه ويقضي بنفسه له حاجته وينجيه من الورطة التي ناداه من أجلها أو يكون لأنه يعتقد أن الذي يناديه يسمع نداءه بإسماع الله إياه بمحض قدرته وأن الله تعالى لا غيره يقضي حاجته ببركة ذلك المنادى وأن الله تعالى ينجيه من الورطة التي هو فيها بجاه ذلك النبي وعلى كلا التقديرين ففيه من السقط ما فيه. أما الأول فلأن من اعتقد أن أحدا غير الله تعالى يقضي الحاجة وينجي من الورطة فقد كفر سواء نادى ذلك الأحد أو لم يناده فلا وجه لتخصيص كفره بحالة النداء وأنت تعلم أن لا أحد من المسلمين يعتقد
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»