الشرك في توحيدها من حيث لا تدري لكونها اعتقدت تأثير الأحياء مع أنه لا تأثير في الحقيقة إلا لله تعالى والتوسل والتشفع والاستغاثة بمآل واحد فإنما المقصود منها التبرك بذكر أحباء الله الذين قد يرحم الله العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا فالموجد الحقيقي هو الله تعالى وإنما هؤلاء أسباب عادية لا تأثير لهم في ذلك وأما قوله العامي من المسلمين يا عبد القادر (أدركني) ويا بدوي (المدد) مثلا فيحمل على المجاز العقلي كما يحمل عليه قول القائل هذا الطعام أشبعني وهذا الماء أرواني وهذا الدواء شفاني فإن الطعام لا يشبع والماء لا يروي والدواء لا يشفي حقيقة بل المشبع والمروي والشافي الحقيقي هو الله تعالى وحده وإنما تلك أسباب عادية ينسب لها الفعل لما يرى من حصوله بعدها في الظاهر ومعظم الأمة أجمعوا على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم وبغيره من الصحابة والصالحين فقد صدر من كثير من الصحابة والعلماء من السلف والخلف واجتماع أكثرهم على الحرام أو الإشراك لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح وقيل المتواتر (لا تجتمع أمتي على ضلالة) ولقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) فكيف تجتمع كلها أو أكثرها على ضلالة ومن أدلة جواز الاستغاثة ما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس أن البني صلى الله عليه وسلم ذكر في قصة هاجر أم إسماعيل عليه السلام أنها لما أدركها وولدها العطش جعلت تسعى في طلب الماء فسمعت صوتا ولا ترى شخصا فقالت أغث إن كان عندك غوث فلو كانت الاستغاثة بغير الله شركا لما طلبت الغوث ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأصحابه ولم ينكره ولما نقلته الصحابة من بعده وذكره المحدثون
(٦٠)