الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٦١
ومنها ما رواه البخاري في حديث الشفاعة أن الخلق بينما هم في هول القيامة استغاثوا بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى وكلهم يعتذرون ويقول عيسى اذهبوا إلى محمد فيأتون إليه صلى الله عليه وسلم فيقول (أنا لها) الحديث فلو كانت الاستغاثة بالمخلوق ممنوعة لما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم وأجاب المانعون أن هذا يكون يوم القيامة حيث يكون للنبي صلى الله عليه وسلم قدرة ورد عليهم أنهم في حياتهم الدنيوية لا قدرة لهم إلا بنوع التسبب فكذلك بعد الموت على أنهم أحياء في قبورهم يتسببون ومنها ما رواه الطبراني عن زيد بن عقبة بن غدوان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني فإن لله عبادا لا يراهم) لا يقال إن المقصود بعباد الله هم الملائكة أو مسلمو الجن أو رجال الغيب وهؤلاء كلهم أحياء فلا يستدل بالحديث على الاستغاثة بالأموات والكلام فيهم لأنا نقول لا صراحة في الحديث بأن المقصود بعباد الله هم من ذكر لا غير ولو سلمنا فالحديث حجة على الوهابية من جهة أخرى وهي نداء الغائب الذي لم يجوزوه كنداء الميت ولا يفيد الوهابية طعنها ببعض رواة هذا الحديث فإنه قد روى بطرق شتى يعضد بعضها بعضا قد رواه الحاكم في صحيحه وأبو عوانه والبزاز بسند صحيح عن البني صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ أنه قال (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله أحبسوا) وقد ذكر هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الكلم الطيب) عن أبي عوانة في صحيحه وابن القيم في (الكلم الطيب) له والنووي في (الأذكار) والجزري في (الحصن الحصين) وغيرهم ممن لا يحصى من المحدثين وهذا
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»