حكاية عن المشركين (ما نعبدهم إلا ليقربونا) بل إن المسلمين قصدوا التبرك والاستشفاع بهم والتبرك بالشئ غير التقرب به كما لا يخفى (الخامس) إن المشركين لما كانوا يعتقدون أن الله تعالى جسم في السماء أرادوا بقولهم ليقربونا إلى الله التقريب الحقيقي ويدل عليه تأكيده بقولهم زلفى إذ تأكيد الشئ بما هو بمعناه يدل في الأكثر على أن المقصود به هو المعنى الحقيقي دون المجازي فإنا إذا قلنا قتله قتلا تبادر القتل الحقيقي إلى الفهم لا الضرب الشديد بخلاف ما إذا قلنا قتله فقط فإنه قد يراد به الضرب الشديد. وأما المسلمون فحيث لم يعتقدوا أن الله جسم في السماء يبعد منهم أن يطلبوا التقرب الحقيقي إليه بالتوسل فلا ينطبق عليهم حكم الآية نعم إن الوهابية لما اعتقدت أن الله تعالى جسم استوى على عرشه في السماء لم تجد للتبرك الذي قصده المسلمون بتوسلهم معنى غير التقرب الذي يكون إلى الأجسام ولذلك جعلت هذه الآية منطبقة عليهم ويجدر بنا أن نبين هنا أنواع الشرك فنقول. منها ما يقال له شرك الاستقلال وهو إثبات إلهين مستقلين كشرك المجوس. ومنها شرك التبعيض وهو تركيب الإله من عدة آلهة كشرك النصارى. ومنها شرك التقريب وهو عبادة غير الله تعالى ليقرب إلى الله زلفى كشرك الجاهلية والشرك الذي جعلته الوهابية أصلا لشرك المستغيث والمتوسل وبنت عليه قاعدتها هو شرك التقرب الذي دانت به الجاهلية والأمر الذي حمل الجاهلية على شركها هذا هو تسويل الشيطان لها أن عبادتها لله تعالى على ما هي عليه من غاية الضعف والعجز وتركها التقرب إليه بعبادة من هو أعلى منها عنده وأشرف وأقوى كنحو الملائكة إنما هو سوء
(٥٠)