الاستعانة كقوله تعالى (وادعوا شهداء كم) وبمعنى السؤال كقوله تعالى (ادعوني أستجب لكم) وبمعنى القول كقوله تعالى (دعواهم فيها سبحانك اللهم) وبمعنى النداء كقوله تعالى (يوم يدعوكم) وبمعنى التسمية كقوله (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) على ما فصله صاحب الاتقان وعليه فلو كانت أل للجنس والاستغراق كان قول المرء يا زيد أعطني درهما كفرا والوهابية لا تقول به فتعين أن أل في الحديث للعهد فيكون المراد بالدعاء في الحديث هو دعاء الحق تعالى لا مطلق الدعاء أي أن سؤال الله تعالى هو من أعظم العبادة فهو على حد قوله عليه الصلاة والسلام (الحج عرفة) أي ركنه الأكبر وذلك لأنه يدل علي أن السائل مقبل عليه تعالى معرض عما سواه ولأن السؤال مأمور به وفعل المأمور به عبادة وسماه النبي عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته وافتقاره إذ العبادة ذل وخضوع ومن الدلائل على كون المراد من الدعاء في الحديث هو دعاء الله لا مطلق الدعاء ما حققه كثير من اللغويين وصرح به ابن رشد والقرافي في شرح التنقيح من أن السؤال أحد أقسام الطلب وهو طلب الأدنى من الأعلى فإذا كان من الله تعالى سمي سؤالا ودعاء ولا يقال للطلب من غيره تعالى دعاء فإذا كان لا يجوز أن يقال للطلب من غيره تعالى مجرد دعاء فبالأحرى أن لا يقال لذلك الطلب دعاء بمعنى العبادة * (التوسل وأدلة جوازه) * قبل الخوض في المطلب نبين لك أن المراد من الاستغاثة بالأنبياء والصالحين والتوسل بهم هو أنهم أسباب ووسائل لنيل المقصود وأن الله تعالى هو الفاعل كرامة لهم لا أنهم هم الفاعلون كما هو المعتقد الحق في سائر فعال
(٥٣)