الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٤٨
ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبأك مثل خبير) وقوله تعالى (ولا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين) وقوله تعالى (له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) وقوله تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا) إلى غير ذلك من الآيات النازلة في المشركين فزعم ابن عبد الوهاب أن كل من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم أو توسل به أو بغيره من الأنبياء والأولياء والصالحين أو ناداه أو سأله الشفاعة أو زار قبره يكون معدودا في عداد هؤلاء المشركين داخلا في عموم هذه الآيات وشبهته في ذلك أن هذه الآيات وإن كانت نازلة في المشركين إلا أن العبرة لعموم اللفظ لا الخصوص السبب (والجواب) إنا لا ننكر أن العبرة هي لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ولكنا نقول إن هذه الآيات لا تشمل من زعمت الوهابية أنها شاملة لهم لما أنه ليس من أحوال الكفار الذين نزلت هذه الآيات فيهم شئ عند المتوسلين والمستغيثين فإن الدعاء يأتي لمعان شتى كما سنذكره قريبا وهو في هذه الآيات كلها بمعنى العبادة والمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى وليس فيهم من اتخذ الأنبياء والأولياء آلهة وجعلهم شركاء لله تعالى حتى تعمهم هذه الآيات ولا اعتقدوا أنهم يستحقون العبادة ولا أنهم يخلقون شيئا ولا أنهم يملكون ضرا ولا نفعا بل إنما اعتقدوا أنهم عبيد الله مخلوقون له وما قصدوا بزيارة قبورهم والتوسل بهم إلى الله تعالى إلا التبرك بهم لكونهم أحباء الله المقربين الذين اصطفاهم واجتباهم
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»