أدب ولكن لما رأت غيبة من عبدته عنها دائما أو بعض الأوقات صنعت الأصنام أمثلة لما غاب عنها من معبوداتها فعبدتها إذا تحققت هذا اتضح لك أن حال مشركي الجاهلية لا ينطبق بوجه من الوجوه على المسلمين المتوسلين إلى الله بالأنبياء والصالحين فأولئك اتخذوا الأصنام آلهة والإله معناه المستحق للعبادة فهم اعتقدوا استحقاق الأصنام للعبادة واعتقدوا أولا أنها تنفع وتضر فعبدوها فاعتقادهم هذا وعبادتهم إياها أو فعاهم؟؟؟ في الشرك فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تملك نفعا ولا ضرا قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فكيف يجوز للوهابية أن تجعل المؤمنين الموحدين مثل أولئك المشركين إذ لا شك أن المشركين إنما كفروا بسبب عبادتهم تماثيل الأنبياء والملائكة والأولياء التي صوروها على صورهم وسجدوا لها وذبحوا وبسبب اعتقادهم في الملائكة والأنبياء والأولياء أنهم آلهة مع الله يضرون وينفعون بذواتهم ولذلك احتج الله تعالى على إبطال قولهم وضرب الأمثال للرد على معتقدهم في كثير من الآيات بأن الإله المستحق للعبادة يجب أن يكون قادرا على كشف الضر وإيصال النفع لمن عبده وبأن ما عبدوه من جملة المحدثات المنافية للربوبية وأما المستغيث والمتوسل فهو براء من هذه العبادة وهذا الاعتقاد وأما القول بأن مجرد الاستغاثة عبادة لغير الله تعالى فتحكم ومكابرة إذ الآيات التي استدلت بها الوهابية إنما نزلت جميعها في الكفار الذين عبدوا غير الله وإن قصدوا بعبادتهم ذلك الغير التقرب إليه تعالى وفى الذين اعتقدوا أن مع الله إلها آخر وأن له ولدا وزوجة (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا) وهذا محل وفاق لا نزاع فيه وليس في الآيات النازلة في الكفار دلالة على كون مجرد الاستغاثة بنبي أو ولي مع الإيمان بالله تعالى
(٥١)