هو لم يكن في زمنه ممن عرف له الرسوخ في العلم بل ولا ممن عد في عداد أرباب الترجيح في المذهب فضلا عن أن يكون مجتهدا مطلقا في الدين فإن للاجتهاد شروطا أجمعت العلماء قاطبة علي أنه لا يجوز لأحد أن يكون إماما في الدين والمذهب حتى يكون مستوفيا لها. منها أن يكون حافظا للغات العرب عارفا باختلافها ومعاني أشعارها وأمثالها وعاداتها. ومنها أن يكون واقفا على اختلاف العلماء والفقهاء وأن يكون فقيها عالما بكتاب الله حافظا له عارفا باختلاف قراآته واختلاف قرائه بصيرا بتفسيره خبيرا بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وقصصه. ومنها أن يكون عالما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مميزا بين صحيح أحاديثه وسقيمها ومتصلها ومراسيلها ومسانيدها ومشاهيرها ومنها أن يكون ورعا دينا صائنا لنفسه صدوقا ثقة يبني مذهبه علي كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فاتته واحدة من هذه الخصال كان ناقصا فلا يجوز أن يكون مجتهدا يقلده الناس (وقال) ابن القيم في إعلام الموقعين لا يجوز لأحد أن يأخذ من الكتاب والسنة ما لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد من جميع العلوم. وسأل رجل أحمد بن حنبل إذا حفظ الرجل مائة ألف حديث هل يكون فقيها قال لا قال فمائتي ألف حديث قال لا قال فثلاث مائة ألف حديث قال لا قال فاربعمائة ألف حديث قال نعم ويقال إن أحمد ابن حنبل أجاب عن ستمائة ألف حديث وأنت تعلم أن الناس قد أجمعوا جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن على أن الأئمة المجتهدين ما استنبطوا أحكام الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما أحاطوا بالسنة علما. وبالكتاب تفقها وفهما. إحاطة قل أن يوجد بعدهم من يتوصل إليها بل العلماء طبقة بعد طبقة متمسكون بأقوالهم
(٤٠)