ثم إن الإجماع حجة عند جميع العلماء إلا النظام وبعض الخوارج والدليل على حجيته أنهم اتفقوا علي القطع بتخطئة المخالف للإجماع فكان حجة لأن العادة تحيل اتفاق عدد كثير من العلماء المحققين على القطع في شرعي من غير قاطع فوجب بحكم العادة تقدير نص قاطع دال على القطع بتخطئة مخالف الإجماع لا يقال على ذلك إن فيه إثبات الإجماع بالإجماع ولا إثبات الإجماع بنص قاطع توقف ثبوته على الإجماع لأن ثبوت ذلك النص مستفاد من الإجماع على القطع بالتخطئة وهذا دور لأنا نقول إن المدعى هو كون الإجماع حجة والذي ثبت به ذلك هو وجود نص قاطع دل عليه وجود صورة من الإجماع يمتنع عادة وجودها بدون ذلك النص وثبوت هذه الصورة من الإجماع ودلالتها العادية على وجود النص لا تتوقف علي كون الإجماع حجة لأن وجود تلك الصورة مستفاد من التواتر ودلالتها على النص مستفادة من العادة ومن الأدلة على حجية الإجماع أيضا قوله عليه الصلاة والسلام (لا تجتمع أمتي على الخطأ) فإن معنى هذا الحديث متواتر لما أنه جاء بروايات كثيرة نحو (لا تجتمع أمتي على الضلالة) لا يزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة) يد الله مع الجماعة) من فارق الجماعة قيد شبر مات ميتة جاهلية) إلى غير ذلك وإلا حاد وإن لم تتواتر فقد تواتر القدر المشترك وحصل به العلم كما في شجاعة علي وجود حاتم.
احتج المنكرون لحجية الإجماع بقوله تعالى (وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شئ) فقالوا لا مرجع في تبيان الأحكام إلا إلى الكتاب (والجواب) إن هذا لا ينافي كون غير الكتاب أيضا تبيانا ولا كونه تبيانا لبعض الأشياء بواسطة الإجماع وإن سلم فغايته الظهور ولا يقاوم القاطع واحتجوا أيضا بقوله