بالشهادتين ثم إن الوهابية عدوا الاستشفاع إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كفرا مع أن الإجماع منعقد على جوازه وهم لم يجوزوا لأحد أن يقلد مجتهدا من أئمة المسلمين وجوزوا لكل أحد أن يستنبط من القرآن ما استطاع أن يستنبط مع أن الإجماع واقع على أنه لا يجوز لأحد أن يكون إماما في الدين والمذهب حتى يكون جامعا لخصال الاجتهاد فليس لأحد أن يأخذ من الكتاب والسنة ما لم يجتمع فيه تلك الخصال التي هي شروط الاجتهاد أما الإجماع فهو اتفاق المجتهدين من الأمة الإسلامية في عصر على أمر ديني أو دنيوي ويلزم على هذا التعريف عدم انعقاد الإجماع على أمر بعد انقراض المجتهدين مع أنك تعلم أنه لو لم يكن لانعقاد الإجماع جواز في كل عصر لما انحسم ما تراه يحدث كل يوم من الأمور التي لم يصرح بحكمها في الكتاب والسنة ولا تكلم فيها المجتهدون السابقون مثاله أن رجلا سمع بما استجد من القول إن الأرض متحركة حول الشمس فقال غير مكترث لذلك إن كانت الأرض متحركة فزوجته طالق ولما لم يكن في الكتاب ولا في السنة صراحة دلالة على ثبوت الأرض ولا على حركتها لزم أن يبين علماء الأمة حكم هذه المسألة فينعقد إجماعهم على حركة الأرض حتى ينحسم به مثل هذه المسألة. وكذلك لو فرضنا أن رجلا صائما ركب بالونا (المركبة الهوائية) قبيل الغروب فارتفع به في الجو صاعدا حتى بلغ علو عشرة آلاف ذراع ثم غابت الشمس على الأرض فأفطر الناس هنالك لكنها لم تغب عن عينه وهو في الجو بسبب كرية الأرض فهل يسوغ له الافطار أو هل وجبت عليه صلاة المغرب فهذا مما لم يصرح به في الكتاب ولا في السنة فيلزم على علماء العصر أن
(٣٤)