الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٣١
السماء الدنيا وصعوده منها كما تقوله الوهابية أن يصغر جسمه تعالى عند النزول ويكبر عند الصعود فيكون متغيرا من حال إلى حال تعالى الله عما يقول الجاهلون وأما ما تمسكت به الوهابية من النقول التي تثبت الإشارة إليه تعالى فهي ظواهر ظنية لا تعارض اليقينيات فتأول إما إجمالا ويفوض تفصيلها إلى الله كما عليه أكثر السلف وإما تفصيلا كما هو رأي الكثيرين فما ورد من الإشارة إليه في السماء محمول علي أنه تعالى خالق السماء أو أن السما مظهر قدرته لما اشتملت عليه من العوالم العظيمة التي لم تكن أرضنا الحقيرة إلا ذرة بالنسبة إليها وكذلك العروج إليه تعالى هو بمعني العروج إلى موضع يتقرب إليه بالطاعات فيه إلى غير ذلك من التأويلات * (الوهابية ونبذها للعقل) * لما كان صريح العقل وصحيح النظر مصادما كل المصادمة لما اعتقدته الوهابية اضطروا إلى نبذهم العقل جانبا وأخذهم بظواهر النقل فقط وإن نتج منه المحال. ونجم عنه الغي والضلال. فاعتقدوا متمسكين بظواهر الآيات أن الله تعالى ثبت على عرشه وعلاه علوا حقيقيا وأن له تعالى وجها ويدين وأنه ينزل إلى السماء الدنيا ويصعد نزولا وصعودا حقيقيين وأنه يشار إليه في السماء إشارة حسية بالإصبع إلى غير ذلك مما يؤول إلى التجسيم البحت تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا فالوهابية التي تسمي زائري القبور عباد الأوثان إنما هي قد عبدت الوثن حيث إنها جعلت معبودها جسما كالحيوان جالسا على عرشه ينزل ويصعد نزولا وصعودا حقيقيين وله وجه ويد ورجل وأصابع حقيقية مما يتنزه عنه المعبود الحق وإذا رد عليهم بالبراهين العقلية
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»