الفجر الصادق - جميل صدقى الزهاوي - الصفحة ٤١
كالنووي والرافعي والتقي السبكي وابن حزم وابن تيمية وابن القيم وابن الجوزي وكالفخر الرازي والطحاوي والقاسم والقرافي جميعا على تقليدهم واتباعهم مع أن كل واحد من هؤلاء الأحبار ومن قبلهم كانت له اليد الطولى في كل فن من الفنون لكن لما علموا أنهم لم يصلوا إلى رتبة الاستنباط من كتاب الله وسنة رسوله وقفوا عند حدهم ورحم الله امرأة عرف قدره ولم يتعد طوره فكيف يسوغ للواحد منا في هذا الزمان المتأخر أن يستنبط من كتاب الله وسنة رسوله ويطرح أقوال العلماء المستنبطين الذين أجميع الخاص والعام على ابتاعهم فيه.
وأما تكفير ابن عبد الوهاب لمقلدي من تقدم من المجتهدين فهو كما ذكرناه آنفا إنما كان صادرا منه لترويج بدعته حتى لا يعد مسلما إلا من اتبعه وليت شعري لو فرضنا أن المجتهدين السابقين كما زعم ابن عبد الوهاب قد ضلوا وأضلوا فما الذي كان يلزم على عوام الناس أن يعملوا حينئذ وهم لم يكونوا قادرين على معرفة أخذ الأحكام واستنباطها من كتاب الله وسنة رسوله وابن عبد الوهاب نفسه لم يكن إذ ذاك مولودا حتى ينقذهم من ورطة غيهم وجهالتهم ولا أظن أنه كان قد بلغت به القحة أن يقول أولئك الناس أهل فترة جاؤوا في زمن لم يكن فيه مجدد في الدين المنصف يعلم أن التقليد ضروري إذ من المحال عادة أن يكون كل فرد من أفراد المسلمين بالغا في العلم منزلة يمكنه فيها أن يستنبط الأحكام الشرعية رأسا من كتاب الله وسنة رسوله مما ليس فيه نص صريح سمى الجاهلين باللغة العربية كل الجهالة من عوام الأمم الأعجمية كالفرس والأكراد والأفغان والأتراك وغيرهم ممن يزيد عددهم على مسلمي العرب زيادة كبيرة كما لا يخفى
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»