علموا أولادكم محبة آل بيت النبي (ص) - الدكتور محمد عبده يماني - الصفحة ٦٩
الوحي لن يعود إليه وقد أبطأ عنه، وأن الله عز وجل قد ودعه وقلاه، فذكر في جملة ما ذكر من نعمه عليه فضل خديجة التي أغنته بمالها عن طلب المعاش، وهيأت له ظروف التفرغ للدعوة إلى الله حتى يبلغ رسالته:
(والضحى. والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى. وللآخرة خير لك من الأولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى. ألم يجدك يتيما فآوى. ووجدك ضالا فهدى. ووجدك عائلا فأغنى).
وإذا كان الأمر على هذا فكيف لا تكون خديجة أحب أزواجه إليه، يذكرها بالحب والرضى، ويخصها بالمنزلة العالية، حتى غارت زوجاته منها وهي ميتة، إنها الزوجة التي عاصرت أشد الظروف قسوة على الرسول الكريم، وأصعب المواقف والأزمات، فنصرت الله ورسوله بمالها ونفسها، وصبرت على الأذى الشديد فما وهنت عزيمتها، ولا لانت قناتها، وظلت تبعث الأمل في قلب النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر حياتها، وكان من أشد ما صبرت عليه حصار الشعب، وتطليق ابنتيها رقية وأم كلثوم حين أمر أبو لهب ابنيه بتطليقهما إمعانا منه في الكيد للنبي صلى الله عليه وسلم، والأذى له (1).
وقد جاء جبريل بالبشرى لها ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب جزاء صبرها وجهادها، وإخلاصها لدينها:
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة قال: أتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله هذه خديجة قد أتت ومعها إناء فيه أدم أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
فأخبر الرسول السيدة خديجة بما قال جبريل فقالت: " الله هو السلام (2)

(1) روى الخبر الطبراني (22 / 434)، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (9 / 216 - 217) عن قتادة ثم قال: " رواه الطبراني وفيه زهير ابن العلاء ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان، فالإسناد حسن ".
(2) قولها رضي الله عنها " الله هو السلام " يدل على وفور عقلها وكمال معرفتها بربها فلم تقل:
السلام على الله، بل قالت " الله هو السلام " لأن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين. لأن " السلام " اسم من أسمائه، وهو أيضا دعاء بالسلامة، وكلاهما لا يصلح أن يرد به على الله، فجعلت مكان رد السلام عليه، الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، فقالت: " وعلى جبريل السلام ".
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 11
2 من هم آل البيت 15
3 فضل آل البيت 21
4 السيد والشريف 26
5 آل البيت هل تحل لهم الصدقة 33
6 ماذا تفعل إذا أساء إليك أحد من آل البيت 37
7 مسؤولية آل البيت 43
8 رأس البيت الكريم سيد الأولين والآخرين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 56
9 أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها 59
10 السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها 74
11 الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه 99
12 الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه 118
13 الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه 132
14 استشهاد الحسين رضي الله عنه 145
15 الرأس الشريفة ومدفنه 159
16 علي بن الحسين 161
17 زينب بنت رسول - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها 172
18 رقية المهاجرة الصابرة رضي الله عنها 176
19 أم كلثوم رضي الله عنها 178
20 إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم 179
21 أمهات المؤمنين رضي الله عنهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: السيدة خديجة الكاملة رضي الله عنها 182
22 السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها 183
23 السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 186
24 السيدة العابدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها 193
25 السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها 196
26 السيدة هند بنت أبي أمية " أم سلمة " رضي الله عنها 198
27 السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها 203
28 السيدة جويرية بنت الحارث المصطلقية رضي الله عنها 209
29 السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها 211
30 السيدة رملة بنت أبي سفيان " أم حبيبة " رضي الله عنها 214
31 السيدة ميمونة الهلالية رضي الله عنها 216
32 السيدة مارية القبطية رضي الله عنها 232
33 أعمامه صلى الله عليه وسلم: حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 233
34 العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه 237
35 عماته صلى الله عليه وسلم 241
36 سراريه صلى الله عليه وسلم 243
37 مواليه صلى الله عليه وسلم 244
38 خاتمة 245