وذكر الذهبي في كتابه " سير أعلام النبلاء " عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: قال علي لأمه: (اكفي فاطمة الخدمة خارجا وتكفيك هي العمل في البيت، والعجن والخبز والطحن) (1).
وقال كرم الله وجهه - لفاطمة الزهراء - رضي الله عنها - ذات مرة وقد وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم سبي من غزوة من الغزوات الظافرة: اذهبي فاطلبي واحدة تعينك على ما أنت فيه، ولا أظنه يردك لمكانتك عنده، واستجابت الزهراء لأمر زوجها الحبيب، وذهبت إلى أبيها صلى الله عليه وسلم، فسألها: ما بك يا بنية؟
فقالت إنما جئت لأسلم عليك، ومنعها الحياء من أن تطلب شيئا من أبيها، وعادت إلى بيتها كما جاءت، ولما عرف علي ما كان من أمرها أخذها وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلم هو هذه المرة، وأوضح له أنها استحيت أن تطلب منه امرأة من السبي الذي وصله مع غنائم الغزو لتعينها على العمل لأنها لم تعد قادرة بمفردها على إنجازه. فأجابهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تتلوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم ". وجاء من طريق أبي أمامة عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اصبري يا فاطمة إن خير النساء التي نفعت أهلها " (2).
وعادت الزهراء وبعلها راضيين بما سمعاه فمن غيرهما يعرف أهداف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر من هذا أنهما كانا يعلمان أنه لا يقول إلا حقا ولا يفعل إلا حقا. لقد مس طلبهما من أبيها شغاف قلبه. وفي المساء ذهب إليهما في بيتهما وفتح عليهما الباب وقد انكمشا في غطائهما مقرورين (3) إذا غطيا رأسيهما انكشفت أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما انكشف رأساهما،