في رواية أبي هريرة أكل الربا وفي رواية على السرقة وشرب الخمر قال المبحث الرابع عشر في التوبة وهي في اللغة الرجوع يقال تاب وناب أو أناب إذا رجع فإذا أسند إلى العبد أريد رجوعه عن الزلة إلى الندم وإذا أسند إلى الله تعالى أريد رجوع نعمه وإلطافه إلى عباده وفي الشرع هي الندم على المعصية لكونها معصية وقيد بذلك لأن الندم على المعصية لا ضرارها ببدنه أو إخلالها بعرضه أو ماله أو نحو ذلك لا تكون توبة وأما الندم لخوف النار أو طمع الجنة فهل تكون توبة فيه تردد مبني على أن ذلك هل يكون ندما عليها لقبحها ولكونها معصية أم لا وكذا في الندم عليها لقبحها مع غرض آخر والحق أن جهة القبح إن كانت بحيث لو انفردت لتحقق الندم فتوبة وإلا فلا كما إذا كان الغرض مجموع الأمرين لا كل واحد منهما وكذا في التوبة عند مرض مخوف بناء على أن ذلك الندم هل يكون لقبح المعصية أم لا بل للخوف كما في الآخرة عند معاينة النار فيكون بمنزلة إيمان اليأس والظاهر من كلام النبي عليه السلام قبول التوبة مالم تظهر علامات الموت ومعنى الندم تحزن وتوجع على أن فعل وتمنى كونه لم يفعل ولا بد من هذا للقطع بأن مجرد الترك كالماجن إذا مل مجونه فاستروج إلى بعض المباحات ليس بتوبة ولقوله عليه السلام الندم توبة وقد يزاد قيد العزم على ترك المعاودة في المستقبل واعترض بأن فعل المعصية في المستقبل قد لا يخطر بالبال لذهول أو جنون أو موت أو نحو ذلك وقد لا يقتدر عليه لعارض آفة كخرس في القذف وشلل أوجب في الزنا فلا يتصور العزم على الترك لما فيه من الإشعار بالقدرة والاختيار فأجيب بأن المراد العزم على الترك على تقدير الخطور والاقتدار حتى لو سلب القدرة لم يشترط العزم على الترك بهذا يشعر كلام إمام الحرمين حيث قال أن العزم على ترك المعاودة إنما يقارن التوبة في بعض الأحوال ولا يطرد في كل حال إذ العزم إنما يصح فيمن يتمكن من مثل ما قدمه ولا يصح من المجبوب العزم على ترك الزنا ولا من الآخرس العزم على ترك القذف فما ذكر في المواقف من أن قولنا إذا قدر لأن من سلب القدرة على الزنا وانقطع طمعه عن عود القوة إذا عزم على تركه لم يكن ذلك توبة منه ليس على ما ينبغي لإشعاره بأن العزم على الترك يصح مع عدم القدرة على الفعل وبأن الندم على الفعل مع العزم على الترك لا يكفي في التوبة لكن لا بد من أمر ثالث هو بقاء القدرة وكلام الإمام وغيره أن عند عدم القدرة لا يشترط في التوبة العزم بل لا يصح ويكفي مجرد الندم لا يقال مراد المواقف أن مجرد هذ العزم بدون الندم ليس بتوبة لأنا نقول هذا لغو من الكلام لا بيان لفائدة التقييد بالقدرة وقد يتوهم أن تقدير القدرة قيد للترك لا للعزم أي يجب العزم على أن لا يفعل على تقدير القدرة حتى يجب على من عرض له الآفة أن يعزم على أن لا يفعل لو فرض وجود القدرة بهذا يشعر ما قال في المواقف أن الزاني المجبوب إذا ندم وعزم على أن لا يعود على تقدير القدرة فهو توبة عندنا خلافا لأبي هاشم
(٢٤١)