شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٦
أو جرح أو هزيمة قال ولا يختص بالولاة كان المسلمون في الصدر الأول وبعده يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر من غير نكير من أحد ولا توقيف على إذن فعلم أنه لا يختص بالولاة بل يجوز لآحاد الرعية بالقول والفعل لكن إذا انتهى الأمر إلى نصب القتال وشهر السلاح ربط بالسلطان حذرا عن الفتنة كذا ذكر إمام الحرمين وقال أن الحكم الشرعي إذا استوى في إدراكه الخاص والعام ففيه للعالم وغير العالم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا اختص مدركه بالاجتهاد فليس للعوام فيه أمر ونهي بل الأمر فيه موكول إلى أهل الاجتهاد ثم ليس لمجتهد أن يتعرض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موضع الخلاف إذ كل مجتهد مصيب في الفروع عندنا ومن قال أن المصيب واحد فهو غير متعين عنده وذكر في محيط الحنفية أن للحنفي أن يحتسب على الشافعي في أكل الضبع ومتروك التسمية عمدا وللشافعي أن يحتسب على الحنفي في شرب المثلث والنكاح بلا ولي ثم لا يختص وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يكون ورعا لا يرتكب مثله بل من رأى منكرا وهو يرتكب مثله فعليه أن ينهى عنه لأن تركه للمنكر ونهيه عنه فرضان متميزان ليس لمن ترك أحدهما ترك الآخر ثم هو فرض كفاية إذا قام به في كل بقعة من فيه غناء سقط الفرض عن الباقين وهذا لا ينافي القول بأنه فرض على الكل لأن المذهب أن فرض الكفاية فرض على الكل ويسقط بفعل البعض نعم إذا نصب لذلك أحد تعين عليه فيحتسب فيما يتعلق بحقوق الله تعالى من غير بحث وتجسس وفيما يتعلق بحقوق العباد لا على وجه العموم كمطل المديون الموسر وتعدي الجار في جدار الجار يحتسب إذا استعداه صاحب الحق وعلى العموم كتعطل شرب البلد وانهدام سورة وترك أهله رعاية أبناء السبيل المحتاجين مع عدم المال في بيت المال يحتسب ويأمر على الإطلاق وينكر على من يغير هيئات العبادات كالجهل في الصلاة السرية وبالعكس وعلى من يزيد في الأذان وعلى من يتصدى الإفتاء أو التدريس أو الوعظ وهو ليس من أهله وعلى القضاة إذا حجبوا الخصوم أو قصروا في النظر في الخصومات وعلى أئمة المساجد المطروقة إذا طولوا في الصلاة وبهذا يعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على الواجب والحرم وينبغي أن يحتسب برفق وسكون متدرجا إلى الأغلظ فالأغلظ بحسب حال المنكر ذكر في المحيط للحنفية أن من رأى غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه إن لج وفي الفخذ ينكر عليه بعنف ولا يضربه وإن لج وفي السوءة أدبه وإن لج قتله قال الفصل الثالث في الأسماء والأحكام وفيه مباحث هذه الترجمة شايعة في كلام المتقدمين ويعنون بالأسماء أسامي المكلفين في المدح مثل المؤمن والمسلم والمتقي والصالح وفي الذم مثل الكافر والفاسق والمنافق وبالأحكام ما لكل منها في الآخرة من الثواب والعقاب
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»