) فإنه ليس بمرتضى أو مفهوما كقوله تعالى حكاية عن حملة العرش * (ويستغفرون للذين آمنوا) * * (فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك) * ولا فارق بين شفاعة الملائكة والأنبياء الثالث ما سبق من الآيات المشعرة بخلود الفساق ولو كانت شفاعة لما كان خلودا الرابع الإجماع على الدعاء بقولنا اللهم اجعلنا من أهل الشفاعة محمد ولو خصت الشفاعة لأهل الكبائر لكان ذلك دعاء يجعله منهم والجواب عن الأول بعد تسليم العموم في الأزمان والأحوال أنها تختص بالكفار جمعا بين الأدلة على أن الظالم على الإطلاق هو الكافر وأن نفي النصرة لا يستلزم نفي الشفاعة لأنها طلب على خضوع والنصرة ربما تنبىء عن مدافعة ومغالبة هذا بعد تسليم كون الكلام لعموم السلب لا لسلب العموم وقد سبق مثل ذلك وعن الثاني بأنا لا نسلم أن من ارتضى لا يتناول الفاسق فإنه مرتضى من جهة الإيمان والعمل الصالح وإن كان مبغوضا من جهة المعصية بخلاف الكافر المتصف بمثل العدل أو الجود فإنه ليس بمرتضى عند الله تعالى أصلا لفوات أصل الحسنات وأساس الكمالات ولا نسلم أن الذين تابوا لا يتناول الفاسق فإن المراد تابوا عن الشرك إذ لا معنى لطلب مغفرة من تاب عن المعاصي وعمل صالحا عندكم لكونه عبثا أو طلبا لترك الظلم بمنع المستحق حقه هذا بعد تسليم دلالة التخصيص بالوصف على نفي الحكم عما عداه وعن الثالث بما سبق في مسئلة انقطاع عذاب صاحب الكبيرة وعن الرابع أن المراد اجعلنا من أهل الشفاعة على تقدير المعاصي كما في قولنا اجعلنا من أهل المغفرة وأهل التوبة وتحقيقه أن المتصف بالصفات إذا اختص بكرامة منشأها بعض تلك الصفات دون البعض لم يكن استدعاء أهلية تلك الكرامة إلا استدعاء الصفة التي هي منشأ تلك الكرامة ألا يرى أن المعالجة وإن لم تكن إلا للمريض لكن قولك اللهم اجعلني من أهل العلاج ليس طلبا للمرض بل لقوة المزاج فكذا ههنا الشفاعة وإن اختصت بأهل الكبائر لكن منشأها الإيمان وبعض الحسنات التي تصير سببا لرضى الشفيع عنه وميله إليه وبهذا يخرج الجواب عما قالوا أن من حلف بالطلاق أن يعمل ما يجعله أهلا للشفاعة أنه يؤمر بالطاعات لا المعاصي قال خاتمة ظاهر قوله تعالى * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) * يدل على أن الكبائر متمايزة عن الصغاير بالذات لا كما قيل أن كل سيئة فهي بالنسبة إلى ما فوقها صغيرة وبالنسبة إلى ما دونها كبيرة لأنه لا يتصور حينئذ اجتناب الكبائر إلا بترك جميع المنهيات سوى واحدة هي دون الكل وأنى للبشر ذلك فمن ههنا ذهب بعضهم إلى تفسير الكبيرة بأنها التي تشعر بقلة الاكتراث بالدين أو التي توعد عليها الشارع بخصوصها وبعضهم إلى تعيين الكبائر ففي رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنها الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وقذف المحصنة والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في الحرم وزاد
(٢٤٠)