كالحركة على الجسم والوصول إلى المنتهى على الحركة ونحو ذلك مما لا يحصى لأنا نقول الذي يصلح أن يكون غرضا لفعله ليس إلا إيصال اللذة إلى العبد وهو مقدور له تعالى من غير شيء من الوسائط ورد بعد تسليم انحصار الغرض فيما ذكرنا بأن إيصال بعض اللذات قد لا يمكن إلا بخلق وسائط كالإحساس ووجود ما يلتذ به ونحو ذلك ومن الثاني وجهان أحدهما أنه لا بد من انقطاع السلسلة إلى ما يكون غرضا ولا يكون لغرض فلا يصح القول بلزوم الغرض وعمومه وثانيهما أن مثل تخليد الكفار في النار لا يعقل فيه نفع لأحد والحق أن تعليل بعض الأفعال سيما شرعية الأحكام بالحكم والمصالح ظاهر كإيجاب الحدود والكفارات وتحريم المسكرات وما أشبه ذلك والنصوص أيضا شاهدة بذلك كقوله تعالى * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * * (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل) * الآية * (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج) * الآية ولهذا كان القياس حجة إلا عند شرذمة لا يعتد بهم وأما تعميم ذلك بأن لا يخلو فعل من أفعاله عن غرض فمحل بحث قال خاتمة ذهبت المعتزلة إلى أن الغرض من التكليف ولو بالنسبة إلى من مات على الكفر أو الفسق هو التعريض للثواب أعني منافع كثيرة دائمة خالصة مع السرور والتعظيم فإن ذلك لا يحسن بدون الاستحقاق ولا خفاء في أن للأفعال والتروك الشاقة تأثيرا في إثبات الاستحقاق بشهادة الآيات والأحاديث الدالة على ترتب الثواب واستحقاق التعظيم على تلك الأفعال والتروك * (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم) * * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * إلى غير ذلك مما لا يحصى وبدلالة العقول أما أولا فلأن الخالي عن الغرض عبث لا يصدر عن الحكيم * (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) * ولا غرض سوى ذلك إجماعا لأنا لا نثبت غيره والمخالف لا يثبت الغرض أصلا وأما ثانيا فلأن البعث على أمر شاق بطريق الاستعلاء بحيث لو خولف يترتب عليه العقاب أضرار وأضرار غير المستحق لا لمنفعة ظلم يستحيل على الله تعالى فالتعريض لتلك المنافع والتمكين من اكتساب السعادة الأبدية هي الجهة المحسنة للتكليف ولا يبطل حسنة بتفويت الكافر والفاسق ذلك على نفسه بسوء اختياره وأجيب أولا بأنا لانم أنه لا يحسن الثواب والتعظيم بدون الاستحقاق إما على أنه لا يقبح من الله تعالى شيء فظاهر وإما على التنزل والقول بالقبح العقلي فلأن إفادة منفعة الغير من غير ضرر للمفيد ولا لغيره محض الكرم والحكمة وغلطهم إنما نشاء من عدم التفرقة بين الاستحقاق الحاصل بالأعمال وبين كون المفاد والمنعم به لائقا بحال المنعم عليه فإن إفادة مالا ينبغي كتعظيم الصبيان والبهائم لا يعد جودا ولا يستحسن عقلا فتوهموا أن إيصال النعيم إلى غير من عمل الصالحات من هذا القبيل ولا خفاء في أن هذا إنما هو على تقدير التكليف
(١٥٧)