بنفع لأن عمله ليس في دفع تلك الحرارة التي هي المرض بل في إثبات برودة تزيل الصحة والاعتدال بخلاف الصلاح في الدين فإنه لا يتقدر بقدر ولا ينتهي إلى حد وكل صلاح ضم إلى صلاح يكون أصلح فإن قيل يتقدر الأصلح لا لتناهي قدرة الله تعالى بل لما علم أن المزيد عليه يصير سببا للطغيان أجيب بأنكم لا تعتبرون في وجوب الأصلح جانب المعلوم حيث تزعمون أن من علم الله تعالى أنه لو كلفه طغى وعصى واستكبر وكفر يجب على الله تعويضه للثواب مع علمه بأنه لا يدركه بل يقع في العقاب ولو أنه لو اخترمه قبل كمال العقل خلص نجيا السادس يلزم أن تكون إماتة الأنبياء والأولياء المرشدين بعد حين وتبقية إبليس وذرياته المضلين إلى يوم الدين اصلح لعباده وكفى بهذا فظاعة السابع من علم الله تعالى منه الكفر والعصيان أو الارتداد بعد الإسلام فلا خفاء في أن الإماتة أو سلب العقل أصلح له ولم يفعل فإن قيل بل الأصلح التكليف والتعريض للنعيم الدائم لكونه أعلى المنزلتين قلنا فلم لم يفعل ذلك بمن مات طفلا وكيف لم يكن التكليف والتعريض لا على المنزلتين أصلح له وبهذه النكتة ألزم الأشعري الجبائي ورجع عن مذهبه فإن قيل علم من الطفل أنه إن عاش ضل وأضل غيره فإماتته لمصلحة الغير قلنا فكيف لم يمت فرعون وهامان ومزدك وزرادشت وغيرهم من الضالين المضلين أطفالا وكيف لم يكن منع الأصلح عمن لا جناية له لأجل مصلحة الغير سفها وظلما الثامن أجمع الأنبياء والأولياء وجميع العقلاء على الدعاء لدفع البلاء وكشف البأساء والضراء فعندكم يكون ذلك سؤالا من الله تعالى أن يغير الأصلح ويمنع الواجب وهو ظلم التاسع إن أعطى أبا جهل لعنه الله غاية مقدوره من المصالح والألطاف فقد سوى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أبي جهل في الأنعام والإحسان ورجع فضل النبي عليه السلام إلى محض اختياره من غير امتنان وإن منع أبا جهل بعض المصالح والألطاف فقد ترك الواجب ولزم السفه والظلم على ما هو أصلكم الفاسد العاشر لو وجب الأصلح لما بقي للتفضل مجال ولم يكن لله خيره في الأنعام والأفضال وهو باطل لقوله تعالى * (وربك يخلق ما يشاء) * ويختار * (يختص برحمته من يشاء) * * (يؤتي الحكمة من يشاء) * * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) * ولعمري أن مفاسد هذا الأصل أظهر من أن تخفى وأكثر من أن تحصى ولو وجب على الله الأصلح للعباد لما ضل المعتزلة طريق الرشاد الفصل السابع في أسمائه وفيه مباحث معظم كلام القدماء في هذا الفصل شرح معاني أسماء الله ورجعها إلى ما له من الصفات والأفعال والمتأخرون فوضوا ذلك إلى ما صنف فيه من الكتب واقتصروا على ما اختلفوا فيه من مغايرة الاسم للمسمى وكون أسماء الله تعالى توقيفية قال المبحث الأول الاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى على ما يعم أنواع الكلمة وقد يقيد بالاستقلال
(١٦٨)