قال: لا طاعة لمن عصى الله.. (30) وأمثال هذه كثير جدا. وما وقعتا الجمل وصفين إلا نتيجة الخروج - وقد خرج سعيد بن جبير على بني أمية وهو من كبار علماء التابعين وأمثال هذه الوقائع من فحول الرجال.
بيد أنه لا يعتد بكل خروج فإن الخروج عن الإمام المقسط بغي والفئة الباغية تقتل بحكم الله سبحانه والخروج عن الحق ضلال كما خرج الصفرية والأزارقة ومن نحا نحوهم بعد أن كانوا من جملة المسلمين المحقين..
ولما ظهرت مقالة نافع بن الأزرق وأصحابه وهي الحكم بكفر الشرك على أهل التوحيد طردهم الأصحاب وتبرؤا منهم.
وانفردوا بالتسمية بالخوارج وكذا عبد الله بن الصفار ونجدة بن عامر وعطية الكوفي الذي هو أول من تكلم في القدر وهكذا ما ظهر منهم فرد بمقالة شنيعة أو طائفة إلا تبرؤا منهم وأقصوهم عنهم إلا أن تابوا واستقاموا..
وقد نسب إلى أولي الاستقامة في الكامل والملل والنحل وغيرها من الكتب ما لم يكونوا في شئ منه بل يتبرؤن منه إما عن عمد أو عدم التحري ولكن الذين يتبعون أهواءهم يقفون عندها ويستدلون بها بدون أن يتبينوا ضدها في كتبنا وهو الحق كقتل عبد الله بن خباب بن الأرت. جاهدت الأمة في نفسها حينا من الدهر في غير عدو وانتصبت لبعضها لأمر أراده الله وإليه المرجع والمصير.. (31) والتاريخ مملوء بوقائع الخروج عن الأمراء من سائر المذاهب وكثيرا ما اتخذت الأدمغة السياسية هذه المسألة آلة لنيل أغراضها في أطوار الأمة وأقطارها فليطالع المنصفون تاريخ الأمم برائد العقل يقفوا على العجب العجاب إلى عصرنا هذا منهم المحق ومنهم المبطل سنة الله في خلقه ولن تكد لسنة الله تحويلا..
إن الكوارث الحاضرة والنكبات المتوالية على المسلمين جعلت كل حر يستخدم فكره في الفحص عن وسائل التخلص ويتمنى أن يلتف المسلمون حول بعضهم بعضا وتجتمع كلمتهم