نعم الأصحاب يتحرون تطبيق حكمي الولاية والبراءة لا تشهيا وهما ينطبقان على كل فرد مهما عظمت منزلته ما لم يكن من المعصومين، ولا معصوم إلا النبي أو الرسول.
أما الأصحاب فلهم مزية عظيمة وهي مزية الصحبة والذب عن أفضل الخلق وإراقة دمائهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى، فيختار الكف عن تلك الحوادث المشؤمة التي لا يطالعها العاقل الراسخ إلا وتنفس الصعداء ولكن نفذ حكم الله ابتلاء للمؤمنين (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) الأنفال / 42.
(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) محمد / 31.
(ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور).
وأيضا لا غبار على من صرح بخطأ المخطئ منهم بدون الشتم والثلب بعد التثبيت من ذلك والتبين وإن أمسك لعموم الأحاديث الواردة فيهم وترك الأمر إلى الله فهو محسن.. (24) أما أباضية المغرب فكلهم من أهل الاستقامة أخذوا الدين عن سلمة بن سعد وحملة العلم بعده أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري اليمني وعبد الرحمن بن رستم الفارسي وأبي داود القبلي وأبي دار العدامسي وأماتنا الله على طريقتهم وما جان لهم في التاريخ ارتباط بالصفرية في حين من الدهر إلا عند رضوخهم للأئمة في القرن الثاني إلى أن انقرضت إمامتهم بتكالب أخصامهم عليهم في أواخر القرن الثالث..
والصفرية الذين كانوا بالمغرب أخذوا عن عكرمة مولى ابن عباس، وهؤلاء لم تستمر لهم حياة ولا بقيت لهم بقية. تأمل تهجمك كيف أوقعك في الخطأ المبين وحاد بك عن قيل الحق وقذف بك في الهوى تهوي بك الريح في مكان سحيق...
ما أبعد فكرك عن التاريخ وما أقصاك عن الإنصاف وما أشدك استسلاما لرسن التعصب المذموم.
تلك البقية الباقية بالمغرب الأوسط هي التي تمثل الآن التقوى والصدق في الأقوال والأفعال والاستقامة على شرعة الله ومنهاجه. يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة. ولم تزل تكافح الأجنبي عن استقلالها الداخلي الباقي لها بفضل جهودها ومحافظتها على تقاليدها الخاصة بها هي المتمسكة إلى الآن بالدين الإسلامي بالمعنى الكامل