اعتقادا وقولا وعملا بدون أن تستهويها الزخارف الخلابة والمدنية الخداعة وتوفر عليها عوامل الضغط المتناهية وضروب الإرهاق التي تنصب عليها في مالها وبدنها وعرضها من الأيدي الأجنبية الخبيثة. أو تفتنها في دينها تلك السياسة الخرقاء التي مسخت الإسلام في نفوس أبنائه في كثير من الأقطار وصيرتها ضده وهي لا تشعر، نقاومه بالإلحاد حينا وبالتجاهر بالفحشاء والمنكر طورا وبموالاتهم آونة، والله سبحانه يقول (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير.) آل عمران / 28.
لم تزل تلك على منهج السلف الصالح تقبل الحق ممن جاء به وتقوله حيثما كانت وترد الباطل على من جاء به. كما رده عليك هذا الفرد منها يا بن الحضارم. ولم تزل محافظة على ما جان عليه أسلافك في القرون الأولى مما أخذوه عن أبي الشعثاء، وعبد الله بن أباض وعبد الله بن وهب وهؤلاء أخذوه عن كبار الصحابة كابن عباس وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وأم المؤمنين عائشة والإمام أبي الحسن علي نفسه (25).
وكتبهم مشحونة بروايته الصحيحة والاستدلال بها ما فرطوا فيه كما فرط الذين اتخذوا لعنه سنة واستباحوا دماء ذريته الشريفة سلالة الرسول ولا الذين حكموا عليهم بالشرك كما قدمنا. ولا أفرطوا فيه كالذين اصطفوه على خير الخلق بعد الأنبياء والمرسلين أبي بكر.
أو قالوا بأولوية نبوته. أو تعمقوا في الغلو حتى اتخذوه إلها تعالى الله عما يقول المبطلون (26).
فصدق في الطرفين قوله (ص) (هلك فيك طائفتان مفرطة ومفرطة) (27).
ولم يكن يوما ما من الأصحاب شتم له أو طعن اللهم إلا من بعض الغلاة وهم أفذاذ لا يخلو منهم وسط ولا شعب ومنشأه الخطأ في الاجتهاد إذ كان في العصور الأولى تأثير في