أنه يجب في قضية العقل امتثال المالك المنعم (1) في ما أمر به ونهى عنه لأجل النعم السابغة والملك، وذلك حقيقة الشكر، ألا ترى أن العقلاء يذمون العبد المخل بامتثال أمر سيده المنعم عليه، ويقضون بحسن عقوبته، دون من لم يعقد في عنقه لأحد نعمة فإنهم لا يوجبون عليه شيئا لمن أمره أو نهاه ولا يذمونه في ترك ذلك وبذلك نطق القرآن المجيد، قال تعالى: (اعملوا آل داود شكرا) [سبأ: 13]، وانعقد عليه إجماع قدماء العترة عليهم السلام.
وقد جعل سبحانه التكليف بشكره متحدا إلا في أشياء معينة محصورة، نحو ما اختص به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الواجبات، وكذلك الأئمة، وكذلك ما يختص به الرجال دون النساء من الجهاد والجمعة والأذان، ونحو ذلك وهذه لم ترد مورد الخلاف فيقاس عليها جواز الخلاف في غيرها، ومن ذلك ما يختص به كل من استقبال الجهات بالصلوات عند اختلاف الظنون في القبلة، لأنه متفق على ذلك، وبالاتفاق عليه لم يقع التفرق في الدين (2)، وإنما أرشد ذلك إلى أنه من باب الاختصاص، كاختصاص