نقول للجبري: هذا مذهبي وهذا مذهبك، ونقول لليهودي: هذا ديني وهذا دينك اجتماعا، ولو كان ذلك يدل على التصويب لما جاز، وأيضا قد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول للكفار: (لكم دينكم ولي دين) [الكافرون: 6] ولم يكن ذلك تصويبا لهم، مع أنه أوكد من قولهم: هذا رأيي وهذا رأيك، لأن فيه الإضافة ولام الاختصاص (1)، وذلك لم يكن فيه إلا الإضافة فقط.
وأما دعوى عدم نقض بعضهم لحكم صاحبه - إن صح - فلصيانة أحكام المصيبين عن أن ينقصها المخطئون، كما يدعيه - في عدم نقض الأحكام المختلف فيها - المخالفون لنا في هذه المسألة، لأنهم يقولون: لو جاز نقضها لم يستقر حكم البتة، لأن كل حاكم يستجيز حينئذ نقض كل حكم يخالف مذهبه، ويفعل ذلك كما فعل غيره، وكذلك هذا إذ لا فرق، وهو كاف في حل شبهتهم لكونه عندهم حجة.
مع أن التحقيق أنه لم يصح ذلك، لأن عليا عليه السلام رد قطائع عثمان، وفعل عثمان في قطائعه جار مجرى الحكم لكونه خليفة في اعتقاد نفسه في الظاهر، وفعل الخليفة في نحو ذلك جار مجرى الحكم بلا خلاف أعلمه.