أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم، فيصوب آراءهم جميعا، وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله - سبحانه - بالاختلاف (1) فأطاعوه؟! أو نهاهم عنه فعصوه؟! أم أنزل دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟! أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟! أم أنزل دينا تاما فقصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن تبليغه وأدائه؟!
والله سبحانه يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) [الأنعام: 38].
وقال: (تبيانا لكل شئ) [النحل: 89]، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء: 82]، وإن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به) (3).
قلت وبالله التوفيق: ولعل هذا جرى مجرى اقتصاص الملاحم،