فوقوع الخلاف بينهم قرينة على تخطئة كل لصاحبه، لأن العاقل - في مجرى العادة - لا يخالف صاحبه فيما اتفقا على طلبه، إلا لأنه أنكره وادعى خطأه، وإلا لوافقه لارتفاع المانع.
وأما دعوى عدم النكير من بعضهم على بعض، فباطلة لأنه نقل بالأخبار المتواترة وقوع النزاع بينهم في ذلك، ومن عادات العقلاء أنه لا يقع بينهم نزاع إلا فيما ينكره بعضهم على بعض، وأيضا قد وقع التصريح بالنكير من علي عليه السلام في كثير من المسائل، قال العلماء: ورجع عمر إليه في ثلاث وعشرين مسألة.
وصرح أيضا بالتخطئة في مشهد من الصحابة فقضية المرأة التي استحضرها عمر فأسقطت حوفا منه، فاستشارهم عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان: إنما أنت مؤدب لا نرى عليك شيئا. فقال علي كرم الله وجهه في الجنة: إن كانا قد اجتهدا فقد أخطأ، وإن لم يجتهدا فقد غشاك. وفي رواية أن القائل بذلك عبد الرحمن بن عوف وحده. فقال علي عليه السلام: إن كان قد اجتهد فقد أخطأ وإن لم يجتهد فقد غشك. وفي رواية أخرى:
فاستشار عمر جماعة الصحابة، فقالوا: لا شئ عليك لأنك مؤدب.
فقال علي عليه السلام: إن كانوا قد جهلوا فقد أخطأوا، وإن كانوا عرفوا فقد غشوك (1). ولم ينازعه أحد منهم في التخطئة، ولو كان