إن معرفة كعب بتولي عثمان للخلافة من بعد عمر وفراسة عمر فيه يعتبر من الأسرار الخطيرة للدولة.
واطلاع كعب على مثل هذه الأسرار يبين وجود علاقة متينة بين عمر وكعب.
وبتعبير آخر يبين انضمام كعب إلى جماعة الحكومة والحزب القرشي.
إن مسألة حب عثمان لبني أمية معروفة للصحابة، وخطورة هذه الأعمال واضحة، لأن المسلمين يعيشون في العصر الإسلامي الأول، وفي فترة قريبة من زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا يعني أنهم سيثورون على أي منهج يخالف أطروحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولأجل ذلك فقد عرف ذلك عمر والعباس وغيره.
فقد قال العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد معرفته بوصول عثمان إلى الخلافة من خلال مجلس عمر السداسي: وأيم الله لا يناله (الحكم) إلا بشر لا ينفع معه خير (1).
وقد عرف كعب الأحبار بخطورة بني أمية على الإسلام من خلال الآيات والأحاديث النازلة في حقهم. فقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " رأيت بني أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء ".
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا بلغت بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولا ومال الله نحلا وكتاب الله دغلا (2). وأنزل الله سبحانه:
{وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا} (3).
وأخرج الطبري والقرطبي أنه لما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني أمية ينزون على منبره نزو القردة ساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات (صلى الله عليه وآله وسلم). وبسبب ذلك دعم كعب الكفر الأموي بكل قوة فرشح معاوية للخلافة.