ذلك أخرجهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من بيته إخراجا عنيفا، إذ اتهمته الجماعة بالهجر ورد عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالطرد، ومن الطبيعي أن لا يوصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد هذا الاختلاف إلى مطرودين من قبله. فتلك الجماعة أرادت أن تثبت شرعيا بطلان أي وصية نبوية في يوم الخميس تحت عنوان الجنون الطارئ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! والعياذ بالله. والجنون من مبطلات الوصية كما لا يخفى!!
وجميع الرواة ذكروا طرد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لتلك المجموعة ومنهم البخاري: إذ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قوموا (1).
: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع (2).
: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه (3).
ويذكر أنه لما كثر اللغط والاختلاف في بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد طلبه (صلى الله عليه وآله وسلم) قرطاسا ودواة، انقسم الحاضرون إلى قسمين، قسم وافق على طلبه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال: أعطوه بيضاء ودواة ليكتب كتابا لن تضلوا بعده أبدا، وقسم رفض ذلك تحت شعار يهجر، حسبنا كتاب الله!
وظاهر الأمر أن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأم سلمة وباقي نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عدا عائشة وحفصة، قد كن ضمن الطائفة الأولى التي وافقت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في طلبه كتابة الوصية. فقد قالت النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
قال عمر: فقلت: إنكن صواحب يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن، وإذا صح ركبتن عنقه.
قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دعوهن فإنهن خير منكم (4).