الإسلام في جبهة الشام، وفتح المسلمون فلسطين، وحرروا القدس من سلطة الروم، انتبه كعب من غفلته أو لنقل توجه كعب لاستغلال هذه الفرصة المتاحة.
فالقدس بيد المسلمين. والمسلمون طيبون ومسامحون في الدين عليه يمكن عودة اليهود إلى فلسطين التي أخرجوا منها بأمر الروم؟!
والنصارى لا سلطة لهم على الشام، ولا قدرة لهم على تعذيب اليهود، أو منعهم من دخول القدس مثل السابق.
والسبب الآخر في هذه الفرصة الذهبية، هو وصول معاوية بن أبي سفيان إلى منصب الوالي الإسلامي في الشام.
ومعاوية وأبو سفيان معروفان عند اليهود بالكفر ولهما علاقة وطيدة بهم.
والسبب الآخر، أن اليهود لم يكونوا يرغبون في سكن الحجاز. فهي غير مقدسة في نظرهم، وخيراتها قليلة، وحركاتهم مرصودة هناك.
وبعد انتصار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم في المعارك المختلفة، أصبحت مواردهم المالية ضئيلة، وأراضيهم محدودة المساحة وصغيرة.
ولقد كان عمر بن الخطاب يحترم التوراة، وفيه رغبة لسماع أخبار الكتب اليهودية عن الماضي والحاضر والمستقبل.
ولقد أيد العلماء والمحققون إسلام كعب الأحبار في زمن عمر (1)، ورغم ذلك ملأ الدنيا بأحاديثه التي لا أساس لها من الصحة لعدم رؤيته الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإسلامه المتأخر.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ: إنه (كعب) قدم من اليمن في دولة أمير المؤمنين عمر، فأخذ عنه الصحابة وغيرهم، وروى جماعة من التابعين عنه، ومات بحمص في سنة 32 أو 33 أو 38، بعد ما ملأ الشام وغيرها من البلاد الإسلامية برواياته وقصصه المستمدة من الأخبار كما فعل تميم الداري في الأخبار النصرانية.