العقيدة الإسلامية بما أعطوا من مدد فكري وعلمي قويم ولم يعن مؤرخونا كثيرا بما كان لهم من مكانة اجتماعية وفكرية، وبما كانوا يحملون في تفكيرهم من روح الثورة على تقاليد المجتمع وتفكيره وعاداته.
وإذا عرضوا لهم فإنما يعرضون في كثير من الأحيان للتنديد بمساوئهم والنيل منهم بالقدح والذم وما أكثر هؤلاء الموهوبين في تاريخنا العربي الاسلامي. إنهم عاشوا محرومين من الحياة والحرية، وحتى من النور والهواء، احتضنتهم غياهب الزوايا والطوامير، يطاردهم الرعب في كل شبر من هذا الأرض.
خافوا أن يمسهم شواط نقمة الطبقة الحاكمة، ففروا بأنفسهم هاربين، لم تتسع لهم الدنيا بطولها وعرضها لينجو بأنفسهم من عسف الطغاة، وأوصدت في وجوههم جميع سبل الحياة، وضاقت عليهم الأرض برحبها، فلم يجدوا فيها شبرا واحدا يستطيعون أن يعيشوا فيه مطمئنين.
ولكنهم بالرغم من كل ذلك فتحوا أبواب التاريخ على مصاريعها، ودخلوا من بابه الكبير الواسع عمالقة خالدين.
اتسع لهم التاريخ فكانوا فيه شخوصا تاريخية كريمة تنحني لها الأجيال بإكبار.
اتسع لهم التاريخ بعد موتهم ولم تتسع لهم الأرض حين كانوا يعيشون على ظهرها