إنه حديث عن جانب ضخم من تراث الإسلام، يتناول الحركة الفكرية عند المسلمين وهي في أعنف انتفاضاتها ونشاطها وتتمثل هذه الحركة في أشخاص الكلام الاسلامي، الذين لا يزالون بحاجة كبيرة إلى جهود متواصلة لدراسة مذاهبهم ونزعاتهم، كحاجة علم الكلام نفسه إلى ذلك، لبيان الآراء الخاصة بكل فرقة فرقة، باعتبارهم جميعا يمثلون التفكير الاسلامي وهو في قممه الرفيعة تمثيلا صريحا واضحا، كم يمثله فلاسفة الإسلام الذين جاءوا من بعدهم.
وهم من جهة ثانية يمثلون فلسفة ذات آراء، لها خصائصها وقيمتها الفكرية، تساير الدين الاسلامي وتنهل من ينابيعه، كان لها حظ وفير في المساهمة الفاعلة في تطوير العقيدة الإسلامية وتركيزها تركيزا علميا.
- 3 - والحديث عن هشام بن الحكم أحد أولئك الرجالات الكلامية المسلمة ربما كان أولى المحاولات فيما أعلم لعرض آرائه وتفكيره الكلامي والفلسفي، بقدر ما وصلت إليه من آثاره ومذاهبه.
مع اعترافي بأن ذلك محاولة نموذجية، قد لا تبلغ من العمق والشمول ما يطلبه حديث رجل كهشام، ولا يتسع كثيرا للإيضاح. ذلك لأنه لم يحظ بعناية المترجمين كما حظي سواه من المفكرين في الإسلام.
وقد أبى مؤرخونا القدامى أن يعطونا هشاما - كما هو - في ترجمته الكاملة، وآرائه الكثيرة، ومذاهبه المتشعبة، وحياته التي