وعلى وحي هذه الغاية كانت العصمة ثابتة للإمام كما هي ثابتة للرسول، من الكبائر والصغائر، قبل النبوة والإمامة وبعدها لاطرادها في جميع تلك الأحوال.
وهشام يجري في العصمة مجرى الإمامية من دون فرق، ويقرر على ذلك دليله على عصمة الإمام حين سأله عبد الله بن يزيد الأباضي قال له:
من أين زعمت أنه لا بد من أن يكون معصوما من جميع الذنوب؟ قال هشام: " إن لم يكن معصوما لم يؤمن أن يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب، فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه على غيره، وإذا دخل في الذنوب لم يؤمن أن يكتم على جاره وحبيبه وقريبه وصديقه، وتصديق ذلك قول الله عز وجل: * (إني جاعلك للناس إماما، قال ومن ذريتي، قال لا ينال عهدي الظالمين) * (1).
ومما يلفت النظر أن استدلاله بالآية المذكورة على اشتراط العصمة في الإمام من أقدم ما وصلنا من أدلة متكلمي الشيعة في هذا الموضوع، وهي لفتة دقيقة تشف عن روح العمق العقلي، وعن مدى قوة الاستنباط، فالآية - كما تراها صريحة في اشتراط أن لا يكون الإمام ظالما مطلقا سواء أكان لنفسه أو لغيره باقتراف الجرائم أو عبادة غير الله.
وينبغي أن لا يفوتنا أن الظالم في الآية يطلق حقيقة على كل من اتصف بالظلم سواء أكان في زمن التخاطب أم في زمان