وهشام يرى ضرورة وجود الإمام ويعتمد لإثبات ذلك على قاعدة اللطف، وإن كان لم يذكر ذلك صريحا - كما يفهم من محاورته لعمرو بن عبيد، ولكنها كانت قائمة على روح هذه القاعدة، فقد سأله وهو يحاوره عن منفعة الحواس الخمس وغاياتها من الأنف واللسان واليد والأذن وسواها، والرجل يجيبه، وأخيرا سأله عن فائدة القلب فأجابه: لأميز به كلما ورد على هذه الجوارح. قال أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال لا قال وكيف ذلك؟ وهي صحيحة سليمة؟ قال يا بني إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته، فتؤديه إلى القلب فيتيقن ويبطل الشك. قال فإنما قدم الله القلب لشك الجوارح قال نعم، قال فلا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح، قال نعم. قال يا أبا مروان إن الله لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وينفي ما شكت فيه، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم لك إماما بجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟.
فسكت عمرو ولم يقل شيئا (1).
ويراد باللطف كل ما كان مقربا للطاعة ومبعدا عن المعصية على نحو لا يوجب الجاءا ولا اضطرارا (2) ليكون العبد معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وهو يعود إلى رفع الموانع وتسهيل الطريق إلى تحقيق غرضه الذي لأجله أمر عباده