استمعوا لهذا البيان، لم يرتابوا في أنه قد نص على استخلافه بتلك الصيغة. وكان الرأي العام الإسلامي بعد وفاة الرسول متجها نحو علي (عليه السلام)، ولم يكن التسابق الذي حصل بين المهاجرين والأنصار عليها بمجرد أن أعلن نبأ وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا لسد الباب في وجه الأكثرية التي لا تعدل بعلي (عليه السلام) أحدا من الناس، ولذا أصيب الجمهور بما يشبه الدهشة لهذا التسابق والتزاحم بين الأنصار من جهة وبين المهاجرين من جهة أخرى، والنبي لا يزال بين أهله مسجى على فراش الموت، وعلي وبنو هاشم وجماعة من أجلاء الصحابة منصرفون عن دنيا الناس إلى تجهيزه لمقره الأخير، وقد تمت البيعة لأبي بكر بتلك السرعة الخاطفة. وحينما انتهى علي (عليه السلام) من تجهيز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يستسلم لسطوة الحاكم الجديد ولم ترهبه الجماهير المحتشدة به، فوقف يناضل ويدافع عن حقه السليب، ووقف إلى جانبه عدد من أعيان الصحابة، ولكنه بعد أن رأى الإصرار على موقفه السلبي قد يؤدي إلى نتائج يجني ثمارها أعداء الإسلام، آثر عند
(٣٥)